السيرة النبويةمدرسة النبوة

مدرسة النبوة (26)

مدرسة النبوة (26)

مدرسة النبوة (26) (النبي ﷺ مفتيا) مع الشيخ أحمد الحسني الشنقيطي

النبي ﷺ مفتيا

كان عليه الصلاة والسلام مؤيدا من ربه في علم الفتيا، فقد فتح الله عليه أبواب المعرفة وكنوز الفهم،

فكان عنده جواب لكل سائل على حسب حاله وما يصلح له وما ينفعه في دنياه وأخراه.

كذلك كان الجواب ثوبا مفصلا على السائل يفصّله تماما على الذي أحسن،

أيضا مع جمال الأداء وبهاء الإلقاء ومتعة التلقي منه، فكأنه قرأ حياة السائل قبل أن ياتيه،

وألمّ بدخائله ومذاهبه قبل أن يستفتيه، وما ذاك إلا لقوّة أنوار النبوّة وبركة الوحي وأثر التوفيق والفتح الرباني.

 أيضا  يسأله شيخ كبير أدركه الهرم وأضناه الكبر عن عمل يداوم عليه،

فأفتاه بعمل يسير يناسب حاله على أفضل عمل وأسهل عبادة وأيسر طاعة، في لفظ وجيز،

ولو كان غيره لربما أوصى الرجل بالاجتهاد في الطاعة واغتنام آخر العمر بالجدّ في العبادة مع إغفال ضعفه وإهمال شيخوخته.

 أيضا وانظر ما أجمل كلمة:” لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله”

 أخرجه أحمد [17227، 17245] والترمذي 3375 وابن ماجه 3793 وانظر المشكاة 2279.

وما فيها من حسن تصوير وبراعة عرض وطلاوة عبارة تهيج السامع على هذا العمل الجليل.

 

مدرسة النبوة (26)

كذلك وجاءه غيلان الثقفي، وكان قوي البنية ضخم الأعضاء صلب الجسم، فسأله عن عمل يتقرب به الى الله تعالى،

فقال:” عليك بالجهاد في سبيل الله” (لم يجد تخريجه)،

أيضا فانظر لحسن اختياره للعمل وملاحظته استعداد الرجل وما يصلح له ويناسب حاله، فيا لها من فطنة باهرة وحكمة عامرة.

 كذلك وسأله أبو ذر ـ وكان غضوبا حادّ الطباع ـ أن يوصيه فقال:” لا تغضب” ثلاثا،

أخرجه البخاري 6116 عن أبي هريرة رضي الله عنه.

فكان هذا دواءه وعلاج حالته وبلسم حاله الذي لا يصرف إلا من صيدلية النبوة المباركة.

أيضا وصارت هذه الكلمة قاعدة من قواعد الدين وأصلا من أصول الشريعة.

كذلك ويرى أبا موسى الأشعري يصعد جبلا فيقول له:” عليك بلا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة” 

كما أخرجه البخاري [ 4205، 6610] ومسلم 2704.

فهذه الكلمة تناسب صعود الجبال وحمل الأثقال، لأن فيها البراءة من قوة العبد وحوله وطلب المعونة من الله والمدد،

فما أحسن الاختيار في هذا الإرشاد مع مراعاة مقتضى المقام.

أيضا ويرى صلى الله عليه وسلم ضعف أبي ذر وقلة تحمّله فيأمره باجتناب الإمارة، لأنه ضعيف،

كذلك وهي أمانة وخزي وندامة يوم القيامة، لن مثل أبي ذر له أبواب في الخير يجيدها غير باب الولاية،

فانظر لفطنته صلى الله عليه وسلم ومعرفته بمواهب الناس{إِنْ هوَ إِلَّا وَحْيٌ يوحَى (4) } النجم.

 أيضا  ويقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه الى اليمن:” إنك تأتي أقواما أهل كتاب” 

كما أخرجه البخاري [ 1458، 1496] ومسلم 19 عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وذلك لينبّه معاذا الى معرفة أقدار المخاطبين، والاطلاع على أحوالهم ليقول لهم ما يناسبهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى