القرآن الكريمتدبر

تدبر الحلقة 24

تدبر الحلقة 24

تدبر (24) مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان

ملخص تفسير الجزء الثاني والعشرون*
🌹 *وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّه…*🌹
يتألف هذا الجزء من بقيّة سورة الأحزاب وسورتا سبأ وفاطر وبداية سورة يس.
*الشطر الأول:* بقية سورة الأحزاب
وفيه مجموعة من التشريعات الأسرية، وإلى جوار التشريع كان التوجيه المستمر فيما يتعلق بالتطهير الروحي،
وبالنظافة في علاقات الجنسين، وصيانتها من كل تبذًّل، وفي هذه السورة يشغل التنظيم الاجتماعي وشؤون الأسرة حيِّزا كبيرًا،
وفي هذه الآيات حديث إلى نساء النبي وتوجيه لهن في علاقتهن بالناس، وفي خاصة أنفسهن، وفي علاقتهن بالله.
*الشطر الثاني:* سورة سبأ
وفي هذه السورة حكايةٌ لأقوال وعقائد الكفار، وفصول مناظرة بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم،
أيضا وإشارة إلى جهود الزعماء في الصدّ عن الحق، وإشارة إلى داوود وسليمان
وما كان من إسباغ الله عليهما نعمه وشكرهما إيّاه، وإشارة إلى سبأ وما كان من رَغدِها وعدم شكرها،
كذلك وفيها صور لما كان عليه الموقف في مكة بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وزعماء الكفار وعامتهم ومعتدليهم ومتطرفيهم.
*الشطر الثالث:* سورة فاطر
في السورة إنذار للناس ودعوة إلى الحق، ولفت نظر إلى الكون ونواميسه للبرهنة على ربوبية الله تعالى واستحقاقه وحده للعبادة،
وتنويه بالمؤمنين المخلصين وتنديد بالكافرين وبيان مصير كل منهم،
وقد تكررت في السورة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم مما يلقاه من تكذيب قومه.

تدبر الحلقة 24

*الشطر الرابع:* بداية سورة يس ،
في السورة توكيد لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم وصدقها وتنويه بالقرآن،
وتقريع للكفار وتنديد بعقائدهم وشدّة غفلتهم وعنادهم، وفيها قصة المرسلين إلى أصحاب القرية،
كما فيها تنويه بنعم الله وبعض مشاهد الكون، وإنذار وتبشير بيوم القيامة وبعض مشاهده ومصائر المؤمنين والكافرين فيه.
🌹هدف الجزء الثاني والعشرون من القرآن الكريم:🌹
*تقرير مبدأ المسؤولية الفردية، المتعلقة بكل شخص بمفرده، يوم الجزاء، وأمام القضاء.*
الجزء الثاني والعشرون من القرآن (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّه…):
هذا الجزء مكون من الحزبين (43ـ44)في كل حزب أربعة أرباع:
*ـ الربع الأول من الحزب43:*
في هذا الربع خطاب موجه لزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لتمكينهنَّ من أعلى المقامات في التربية والسلوك،
حتى يكنَّ خير قدوة للمؤمنين والمؤمنات، لقنهنَّ كتاب الله جملة من الآداب النافعة، والوصايا الجامعة، التي تلبسهنَّ مزيدا من الجلال والوقار،
كذلك وتجعلهنَّ في منأى عن كل الشبهات والأوزار، والخطاب وإن كان موجها إليهن بالأصالة فهو موجَّه بالتَّبعِ إلى جميع نساء المسلمين.

*ـ الربع الثاني:*

ولما انتهى كتاب الله من تفصيل القول في الحياة العائلية للرسول صلى الله عليه وسلم وهو على قيد الحياة،
كما أعلن كتاب الله حكمه في مصير أزواج الرسول بعد أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى،
كذلك فحرَّم الزواج بهن من بعده على كافة المؤمنين، إذ هنَّ بمنزلة أمهاتهم في الحرمة والحرمة إلى يوم الدين،
أيضا يضاف إلى ذلك ما في هذا التدبير من توقير للرسول صلى الله عليه وسلم يتناسب مع عظيم منزلته، وسامي مكانته.
*ـ الربع الثالث:*
عند بداية هذا الربع وجه كتاب الله إنذارا صريحا إلى العناصر المندسة بين المؤمنين في مدينة الرسول وعاصمة الإسلام الأولى،
أيضا محذرا تلك العناصر من عواقب نشاطها الهدام، البارز فيما تقوم به من دسٍّ جلي أو خفي،
وبثٌّ للبلبلة في صفوف المجتمع الإسلامي الناشئ،
ذلك عن طريق ترويج الإشاعات الكاذبة، والدعايات الانهزامية المتكررة.
*ـ الربع الرابع:*
في بداية هذا الربع بيَّن كتاب الله أن الرسالات الإلهية التي جاء بها الرسل كما تعنى بالشؤون الروحية للإنسان تعنى أيضًا بشؤونه المادية المباشرة،
بل تأخذ بيده فتسدد خطواته الأولى في نفس المجال التقني والصناعي،
و(الآخرة) التي دعا الرسل والأنبياء إلى الإيمان بها إنما هي المرحلة الأخيرة في مسيرة جهاد الإنسان المتواصل، من أجل صلاح الإنسان،
وازدهار العمران، حيث يجني الإنسان ثمرة عمله، إن وفَّى بما عاهد عليه الله،
أيضا ولم يتنكر لدينه وشريعته،
يقول الله تعالى هنا: *{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا…}،*
وهذا الفضل الذي آتاه الله إياه يظهر بشكل بارز في عدة مظاهر روحية ومادية ذكرتها الآيات.

تدبر الحلقة 24

*ـ الربع الأول من الحزب44:*
وفي بداية هذا الربع وجه كتاب الله الخطاب إلى نبيه، آمرًا له أن يواصل تحديه للمشركين، ويوجه إليهم سؤالا ملحًا عمن يرزقهم،
وهل أولئك الشركاء الذين يعبدونهم هم الذين يرزقونهم،
أَذِن الله لنبيه أن يتولى هو بنفسه الجواب نيابة عنهم، بمقتضى لسان الحال، الذي هو أفصح من لسان المقال، وذلك قوله تعالى في السِؤال: *{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}،* فكان الجواب، *{قُلِ اللَّهُ}.*

*ـ الربع الثاني:*

في بداية هذا الربع لقن كتاب الله لرسوله الأعظم ما يواجه به المعاندين، لإفحامهم وإقناعهم، داعيا إياهم إلى الالتقاء معه على كلمة سواء،
وهذه الكلمة الواحدة الجامعة المانعة هي أن ينهضوا للبحث عن (الحق المطلق) في أمر الرسول وأمر الرسالة،
متجرِّدين من كل هوى وعصبية وفكر مسبق، مستخدمين العقل والمنطق، وملكة التفكير العميق،
على أن تتم هذه الدراسة بطريقة (فردية) متأنية، حتى لا يتأثر أحدهم بالآخر، وبطريقة (ثنائية) وجماعية، حتى يناظر كل واحد الآخر.
*ـ الربع الثالث:*
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}،* فقراء إلى توجيهه وهدايته، فقراء إلى توفيقه ورعايته،
فقراء إلى رزقه ورحمته، فقراء إلى عفوه ومغفرته، فالفقر هو صفة الإنسان الطبيعية، وغناه الطارئ إنما هو مجرد عارية،
والغنى الحقيقي والمطلق والدائم هو صفة الذات العلية *{وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ}.*
ـ الربع الرابع والأخير:*
في هذا الربع قوله تعالى: *{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}*، أي: شددنا أزرهما، وقوينا رسالتهما برسول ثالث،
وهذه هي القصة الوحيدة التي يتحدث فيها كتاب الله عن تكليف ثلاثة من الرسل في آن واحد، ومكان واحد، بتبليغ رسالة واحدة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى