القرآن الكريمتأملات

تأملات (8) مع دمحمد علي

تأملات (8) مع دمحمد علي

رغم الحث على المعرفة في أول آية نزلت من كتاب الله تعالى: ﴿اقْرَأْ﴾، إلا أنها في حقيقتها دعوة للفهم الموصول بالإيمان،
فهم وفق القوانين الربانية، وقوله سبحانه وتعالى بعدها ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، يدل على حقيقة الفهم المقصود،
إنه فهم ينطلق من قاعدة إيمانية صلبة، فهم وفق مراد الخالق سبحانه وتعالى، إذن الإيمان أولا، فلا فهم بدون إيمان. 
ومن خلال هاتين الخصلتين ندرك أنهما أساس الدعوة والجهاد، فمتى تحصلت الجماعة على الإيمان والفهم،
جاز لها أن تنطلق في ميدان الدعوة والجهاد، وفق مقتضيات واقعها، ومتطلبات عصرها.والعمل يكون بقدر اختلاط الإيمان بالفهم، فهما متلازمان، فمتى آمنت فلا بد أن تفهم حقيقة الإيمان،

ودوره في الحياة، وحقيقة علاقتك بالمجتمع، وعلاقة الجماعة ببعضها، علاقة الفرد بالجماعة،

وعلاقة الجماعة بالفرد، وعلاقة المجتمع المؤمن بأهل الديانات الأخرى في البلد. وسنجد التباين في الفهم،

أيضا عند المجتمع المسلم، فالبعض يفهم الإيمان فهما شموليا بسرعة فائقة، والبعض الآخر يفهم يسيره بسرعة، ويحتاج سنين طويلة، وربما سني حياته كلها،

ذلك حتى يفهم مقتضيات الإيمان. ولا أجد مثالا راقيا للفهم الشمولي السريع، إلا ما كان من الأنصار،

كذلك لقد التقى أولئك الأخيار، برسول الله ﷺ ثلاث مرات، خلال ثلاثة أعوام، فكان فهما عجيبا، واللقاءات على النحو التالي:

اللقاء الأول: 

إذا كان اللقاء الأول في السنة الحادية عشرة للبعثة، التقى النبي بستة نفر من الخزرج عند العقبة، فدعاهم إلى الله عز وجل، وتلا عليهم القرآن،

فقال بعضهم لبعض: يا قوم تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه،

فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، ورجعوا إلى قومهم منذرين.

تأملات (8) مع دمحمد علي

اللقاء الثاني: 

كذلك هذا اللقاء هو بيعة العقبة الأولى، في السنة الثانية عشرة للبعثة،

اللقاء الثالث:
وهو بيعة العقبة الثانية، في السنة الثالثة عشرة للبعثة، وقد خرج الأنصار،

كما يقول كعب بن مالك متسللين تسلل القطا، وهم ثلاثة وسبعون رجلا، وامرأتان

أيضا وهنا تأتي أهمية مثل هذه اللقاءات الدعوية، فهي جزء من التخطيط الدعوي؛ لصياغة فهم نوعي، فهم النخبة المؤمنة،

ذلك وفق مقتضيات الشريعة، وعلى المجتمع أن يسعى لتحقيق ذلك الفهم عند أفراده، فيبدأ الدور المحوري في البيت،

أيضا ويبلور المسجد الرسالة ويصوغها بقوالب أفضل، ثم يأتي دور المؤسسات التعليمية، والرياضية، والإعلامية، والفكرية، والسياسية؛

وذلك من أجل تحقيق هذا المبدأ، فعلى أبناء فلسطين وهم يتطلعون إلى تحرير أرضهم،

أن يعرفوا عدوهم جيدا، وأبعاد الصراع السياسية والعقائدية، فمن تجاهل السياسة،

كما لم يفهم مبتدأ الوجود الصهيوني في أرضنا، ومن تجاهل الدين، لم يفهم أخلاق اليهود، وكيفية التعامل معهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى