مدرسة النبوة (3)
مدرسة النبوة (3) مع الشيخ أحمد الحسني الشنقيطي
جبر الخواطر
مفهوم تطييب الخواطِر:
ونقصد بتطييب الخواطر: القيام بمساعدة كل من أصيب بشيء في حياته -ماديًا أو معنويًا- والعمل على التخفيف عنه من همّه وشدّته، والسعي لحلّها، والتفريج عنه. ومن أمثلة ذلك: المواساة عند فقد حبيب أو عزيز، والاعتذار للآخرين عند الخطأ؛ لأن الإنسان يَرِدُ عليه الخطأ في تعامله مع الناس؛ وكفارته الاعتذار، وتبادل الهدايا، وقضاء الحوائج، ومراعاة النفسيات، ومخاطبة الناس على قدر عقولهم.
ولقد اهتمت الشريعة الإسلاميّة بهذا الخلُق أيّما اهتمام حتى جعلته من باب العقيدة والتشريع والخلق على السواء .. فشرعت استحباب التعزية لأهل الميت؛ لتسليتهم, ومواساتهم, وتصبيرهم..أيضا وتطيب خواطرهم على فقد ميتهم… وكذلك جاء الشرع بإقرار الدية في القتل الخطأ؛ لجبر نفوس أهل المجني عليه, وتطييباً لخواطِرِهِم.
كذلك فإنّ تطييب الخواطِر هدي المصلِحين، وطريقة العارفين لغايتهم، يجمعون القلوب حولهم قبل الأجسام.. أيضا ولقد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لاقاه النّاس من بعيد هابوه .. وإذا جالسوه أحبّوه
والسؤال: لماذا تطييب الخواطِر؟
وللجواب نقول:
1_لأنها عبادة وطاعة لله تعالى، عبادة غائبة عن المجتمع في زمن كثرت فيه الأنانية والاهتمام بالذات ونسيان الآخرين .. كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».
2_كذلك تأليفًا للقلوب، وتوحيدًا للصفوف، واصطفافًا على طريق الحق والخير.
3_أيضا لأنّ الأمّة لا تتحمّل التفرق والتشرذم الواقع الآن، وهي أحوج ما تكون إلى ما يؤلّف الأفئدة.
4_ذلك لأنّ في زماننا قد تعقّدت ظروف الناس، فكثرت الديون، وزادت الهموم، وانتشرت المآسي.. فنحن بحاجة إلى نشر هذا السّمت بين الناس
مدرسة النبوة (3)
كما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان في حوزته طبق من العنب، وكان الصحابة موجودين في حضرة النبي،
أيضا وقال الرجل موجها كلامه للنبي: “والله يا رسول الله ما عندي طبق أهديكَ إياه”.
فأكل النبي من الطبق، ولم يمنح شيئا لأحد من أصحابه، وكان الرجل سعيدا للغاية لأنه أكل هديته بمفرده، فسأله الصحابة “عهدناك تقتسم بيننا يا رسول الله”،
لكن النبي قال إنه لما تذوق العنب وجده مرا، فخشى أن يعطي أحدا منه شيئا فيظهر مرارته، فيفسد على الرجل فرحته.
كما وأكد، ان النبي صلى الله عليه وسلم، يعلمنا من خلال هذا الموقف درسا جميلا جدا، إذا تعلمناه فإن المحبة ستكون شعارا لنا،
كذلك وهو جبر الخواطر، مشيرًا إلى أن جبر الخواطر ممكن بكلمة وضحكة وأي طبطبة على قلوب من نتعامل معهم،
أيضا فقد قال صلى الله عليه وسلم: “من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر