مدرسة النبوة (2)
مدرسة النبوة (2) مع الشيخ أحمد الحسني الشنقيطي
النبي القدوة ﷺ
إذا يحكي لنا الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه قصة حدثت أمامه: تخيلوا هذا المشهد.. اسمعوا ماذا يقول..
يقول: كنت أمشي مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعليه رداءٌ نجرانيٌ غليظ الحاشية.. فأدركه أعرابيٌ، فجبذه جبذةً شديدةً .. حتى انشق البرد، وحتى بقيت حاشيتهُ في عنق رسول الله – صلى الله عليه وسلم .. ونظرت إلى صفحةِ عنقِ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وقد أثرت بها حاشيةُ الرداء ثم قال: يامحمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فضحك، ثم أمر له بعطاء.
أيضا يشد الرداء ثم يناديه بإسمه، ويطلب منه مال، ثم يلتفت إليه القدوة الحسنة ويضحك.. يالله.. ما أجمل هذا الخلق.. ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]
كما يكفيك قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (كان خلقه القرآن).. يرضى لرضاه ويغضب لغضبه .. أيضا
لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً .. كذلك ولا صخاباً في الأسواق، ولا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح.
يقول الرحيم عز وجل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21].
مدرسة النبوة (2)
كذلك قدوةٌ في العفو والصفح، قدوةٌ في الحياء، قدوة في الشفقة والرحمة:
أيضا عن مالك بن الحويرث قال: (أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفرٍ من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيماً رقيقاً… إلى آخر الحديث).
كيف لا وقد قال الله عز وجل عنه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
قدوةٌ في المحافظة على حسن العهد، قدوةٌ في التواضع: كان يمر على الصبيان، فيسلم عليهم،
كذلك وكانت الجارية تأخذ بيده، وتنطلق به حيثُ شاءت، وكان يخصف نعله .. ويرقع ثوبه، ويحلب شاته،
أيضا ويجالس المساكين، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما ..أيضا ويجيب دعوةَ من دعاه ولو إلى أيسر
شيء.. كذلك ويعود المريض، ويشهد الجنازة، ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد.
قدوةٌ في الشجاعة: عن البراء بن عازب قال: (كنا والله إذا احمر البأسُ نتقي به،
وإن الشجاعَ منا للذي يحاذي به- يعني النبي – صلى الله عليه وسلم -).
أيضا قدوةٌ في الجود والكرم: عن أنس بن مالك قال: جاء رجلٌ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –
فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: ياقوم، أسلموا، فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة).
قدوةٌ في الخشية والخوف من الله: عن مطرفٍ عن أبيه رضي الله عنهما قال:
(رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي وفي صدره أزيزٌ كأزيز الرحى من البكاء – صلى الله عليه وسلم -).