القرآن الكريمتدبر

سليمان ونموذج الحكم الراشد

سليمان ونموذج الحكم الراشد

تدبر مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان | سليمان ونموذج الحكم الراشد.

تسلّم سليمان ـ عليه السلام ـ قيادة الدولة القوية التي أسست على الإيمان والتوحيد وتقوى الله تعالى،

وآتاه الله سبحانه وتعالى الملْك الواسع والسلطان العظيم بحيث لم يؤت أحد مثلما أوتي،

ولكنه أعطى قبل ذلك عطاء أعظم وأكرم؛ هيأه لأن يكون شخصية فريدة متميزة في التاريخ،

لقد أعطي النبوة، ومنح العلم وأوتي الحكمة، وذلك مثلما أعطي أبوه من قبل.
ونتيجة للتوفيق الرباني والمنهج الرشيد الذي سار عليه سليمان فقد ظهرت في عهده ثمرات نهضوية، وتفوّق حضاري في مجالات إنسانية كثيرة، أهمها:

سليمان ونموذج الحكم الراشد

1- النهضة العلمية:

وهي كالأساس بالبنية لكل ما ترى من أنواع النهضة يقول سليمان واصفاً نفسه وجنده ﴿وَأوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكنَّا مسْلِمِينَ(٤٢)﴾ [النمل: 42].
وانظر إلى التفوق العلمي فقد كان متقدماً، أشارت إليه هذه الآية الكريمة:

﴿قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ(٤٠)﴾ [النمل: 40]. 
فكم من قدرات وطاقات هائلة وصل إليها ذلك المشروع بنهضته العلمية. (القصص القرآني أهدافه وخصائصه، ص193).

2- النهضة الإعلامية:

لا أحد يغفل قيمة الإعلام ودوره في أي نهضة، ومن أهم وسائلها الإعلام وقد جاءت الإشارة

في قوله تعالى: ﴿اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ(٢٨)﴾ [النمل: 28]،

إلى أهمية استثمار العمل الإعلامي والتواصل الإعلامي، فقد حقق نجاحات باهرة وأهداف خالدة.

3- النهضة العمرانية: 

وهذا من قوله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقدورٍ رَاسِيَاتٍ  اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شكْرًا  وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ(١٣)﴾ [سبأ: 13]،

أيضا وقوله سبحانه: ﴿وَالشَّيَاطِينَ كلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ(٣٧)﴾ [ص: 37]؛ وهي عنوان تقدم أي حضارة ونجاحها.

سليمان ونموذج الحكم الراشد

4- نهضة المواصلات والاتصالات:

كذلك وتظهر في سرعة نقل المعلومات كما في قصة الهدهد، وفي سرعة نقل الأشياء

كما في قصة نقل عرش ملكة سبأ، وفي استخدام الريح كذلك في التنقل والنقل،

وكل ذلك يدل على تطوّر ونهضة في مجالي التواصل (الاتصالات والمواصلات) وهو فن هذا العصر

5- النهضة العسكرية:

وهي واضحة بينة لا تحتاج دليلاً، ولا توضيح ويكفي فيها وصف سليمان لجنده وثقته بقوته العسكرية:

﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهمْ صَاغِرُونَ(٣٧)﴾ [النمل: 37]

وكذلك تظهر في إعداده وتجهيزه لجيشه واستعراضه له واعتنائه بخيله: ﴿ إِذْ عرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ(٣١)﴾ [ص: 31].

سليمان ونموذج الحكم الراشد

6- النهضة الصناعية:

وذلك واضح من كثرة صناعات جند سليمان يقوله سبحانه: ﴿ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقدُورٍ رَاسِيَاتٍ (١٣)﴾ [سبأ: 13].
فهذه أنواع وأشكال أشرت إليها وشرحتها عند حديثي عن الآيات في سورة سبأ،

أيضا وهي تنمّ عن نهضة صناعية حقيقة متطورة وراسخة، فبناء المحاريب (أماكن العبادة) التي تمثّل الهندسة المعمارية،

كذلك وإقامة التماثيل التي تشكل الصناعات الزخرفية، وصناعة الجفان (آنية الطبخ) التي مثلت صناعة أدوات المعيشة،

أيضا وصناعة القدور الراسيات التي تشير إلى الصناعات المعدنية الثقيلة، واستخدامه للنحاس في الصناعة: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ﴾[سبأ: 12]؛

إذا فكل ذلك يدل على مقدار التطور الصناعي، والنهضة الصناعية في مشروع سليمان عليه السلام

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى