تأملات (6) مع دمحمد علي
إن هذا الدين هو رسالة الله الخاتمة التي بعث بها محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، ولقد حدد رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم
الغايات العظمى من بعثته فكان من أعظم هذه الغايات ما أخبر به في حديثه الثابت عنه :
” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
يقول الشيخ الغزالي رحمه الله : ( فكأن الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة، وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد شعاعها وجمع الناس حولها ،
لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلهم ، وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم ، حتى يسعوا إليها على بصيرة…
كذلك والعبادات التي شرعت في الإسلام واعتبرت أركانا في الإيمان به ليست طقوسا مبهمة …
وحركات لا معنى لها ، كلا فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه ،
أيضا هي تمارين متكررة لتعويد المرء بأن يحيا بأخلاق صحيحة ، وأن يظل مستمسكا بهذه الأخلاق مهما تغيرت أمامه الظروف ).
العبادات تقوي في النفس مكارم الأخلاق.
كما إن استقراء أدلة الكتاب والسنة ليبرهن على أن العبادة الحقة لابد أن يكون لها أثر في نفس صاحبها وأخلاقه وسلوكه ،
أيضا فالصلاة التي هم أهم أركان الإسلام بعد التوحيد والتي لها منزلتها الخاصة في الإسلام بيّن الله عز وجل شيئا
تأملات (6) مع دمحمد علي
كذلك من الحكم التي من أجلها شرعت فكان من هذه الحكم أنها تنهى أهلها عن الفحشاء والمنكر كما قال الله عز وجل:
(اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45)
أيضا ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة تقوم الليل ولكنها إذا أصبحت آذت جيرانها قال:
” هي في النار ” فكأن حقيقة الصلاة أنها تزكية للنفس وتطهير لها من الأخلاق الرديئة والصفات السيئة ،
كذلك فمن لم ينتفع بصلاته في هذا الجانب فكأنه لم يستفد أعظم ثمرات الصلاة.
أما الصيام فإنه كذلك تهذيب للنفوس وحرمان لها من شهواتها المحظورة ونزواتها قبل أن يكون حرمانا لهذه النفوس من الأطعمة والأشربة والشهوات المباحة.
ولأجل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
أيضا ويذكر القرآن ثمرة الصوم العظمى فيقول الله عز وجل:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)
كذلك وفي نفس السياق يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن من صام امتثالا لله عز وجل ينبغي أن يتميز بأخلاقه وحلمه:
” فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم
