نظرات (8) مع الداعية طه هندي
اشتملت هذه السورة الكريمة على معظم الأحكام التشريعية : في العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق.. كذلك وفي أمور الزواج، والطلاق، والعدة، وغيرها من الأحكام الشرعية .
وقد تناولت الآيات في البدء الحديث عن صفات المؤمنين، والكافرين، والمنافقين.. فوضّحت حقيقة الإيمان، وحقيقة الكفر والنفاق.. ذلك للمقارنة بين أهل السعادة وأهل الشقاء .
ثم تحدثت عن بدء الخليقة فذكرت قصة أبي البشر آدم.. أيضا وما جرى عند تكوينه من الأحداث والمفاجآت العجيبة .. التي تدل على تكريم الله جل وعلا للنوع البشري .
كما تناولت السورة الحديث بالإسهاب عن أهل الكتاب..كذلك وبوجه خاص بني إِسرائيل اليهود لأنهم كانوا مجاورين للمسلمين في المدينة المنورة.. فنبهت المؤمنين إِلى خبثهم ومكرهم، وما تنطوي عليه نفوسهم الشريرة من اللؤم والغدر والخيانة..أيضا ونقض العهود والمواثيق، إِلى غير ما هنالك من القبائح والجرائم التي ارتكبها هؤلاء المفسدون،
كذلك مما يوضح عظيم خطرهم، وكبير ضررهم ..وقد تناول الحديث عنهم ما يزيد على الثلث من السورة الكريمة..ذلك بدءاً من قوله تعالى: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي التِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ إلى قوله تعالى: وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمهُن .
وأما بقية السورة الكريمة فقد تناولت جانب التشريع..ذلك لأن المسلمين كانوا -وقت نزول هذه السورة – في بداية تكوين الدولة الإِسلامية.. أيضا وهم في أمسّ الحاجة إِلى المنهاج الرباني، والتشريع السماوي.. الذي يسيرون عليه في حياتهم سواء في العبادات أو المعاملات .
أيضا وتنقسم أغراض سورة البقرة إلى قسمين: قسم يثبت سمو هذا الدين على ما سبقه .. وعلو هديه وأصول تطهيره النفوس.. وقسم يبين شرائع هذا الدين لأتباعه وإصلاح مجتمعهم .
نظرات (8) مع الداعية طه هندي
ارتباط العلم بالخلافة
وَإِذْ قَالَ رَبكَ لِلْمَلائِكَةِ إِني جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدسُ لَكَ قَالَ إِني أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ.. (سورة البقرة: 30).. وفي الآية التالية مباشرة قال عز وجل.. : وَعَلمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلهَا ثُم عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، (آية 31) .
كذلك وهو ربط مباشر بين الخلافة في الأرض وبين العلم.. ما يعني أنه إذا أردت أن تكون مسؤولا عن الأرض فيجب أن يكون عندك علم.. ولذا علّم الله تعالى آدم الأسماء كلها..أيضا وعلّمه أدوات الاستخلاف في الأرض.. : الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمَرَاتِ رِزْقاً لكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ، (آية 22)،
أيضا وهذا إرشاد للمسلمين بأنهم إذا أرادوا أن يكونوا مسؤولين عن الأرض ..فلا بد لهم من العلم مع العبادة فكأن تجربة سيدنا آدم هي تجربة تعليمية للبشرية ..ثم جاءت الآية: فَأَزَلهُمَا الشيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِما كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُو وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَر وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (آية: 36)
كما ترشدنا إلى أن النعمة تزول بمعصية الله تعالى.. وتختم قصة آدم بآية مهمة جداً: قلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِما يَأْتِيَنكُم مني هدًى فَمَن تَبِعَ هدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ همْ يَحْزَنُونَ (آية: 38) .. أيضا وهي تؤكد ما ورد في أول سورة البقرة (هدى للمتقين).. ومرتبطة بسورة الفاتحة (إهدنا الصراط المستقيم)