القرآن الكريمنظرات

نظرات (1) مع الداعية طه هندي

نظرات (1) مع الداعية طه هندي

إني جاعلٌ في الأرض خليفة

هذه الآية الثلاثون في سورة البقرة، أطولِ سور القرآن على الإطلاق، وموضوع سورة البقرة ومحورها الرئيس؛ الحديث عن الخلافة في الأرض.. ولذا نجد أن أول ما تطالعنا عليه السورة ذكرُ أصناف البشر الثلاثة: (المؤمن، والكافر والمنافق).. والخليفة في الأرض واحد من تلك الأصناف.. فإما أن يكون الخليفة مؤمنًا بالله، خليفة في الأرض بالعدل، وإما أن يكون كافرًا بالله متجبرًا.. أيضا وإما أن يكون بين هذا وذاك، منافقًا مراوغًا ماكرًا.. وليس من المصادفة بعد ذلك أن تأتي في القرآن ثلاث سور بأسماء هذه الأصناف.. ففي القرآن سورة المؤمنون، وسورة المنافقون، وسورة الكافرون.

كما أن هذه الآية: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] وما تلاها من الآيات تطالعنا على قصة استخلاف آدم عليه السلام في الأرض.. بعد أن أُعطي المعرفة التي يعالج بها هذه الخلافة..أيضا ويقومَ بها، وذلك في قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31].. ولكن إيراد هذه القصة، قصة استخلاف آدم؛ ليست هي الغاية التي تريد السورة أن تطالعنا عليها.. أو أن توصلنا إليها، وإنما جاء ذكر هذه القصة تمهيدًا ومقدمةً بين يدي الحديث عن المقصد الأسمى والأعلى للسورة.. ولعظمة هذا المقصد وأهميَّته؛ مهدت له السورة بذكر هذه القصة، وبذكر غيرها أيضًا.

نظرات (1) مع الداعية طه هندي

كذلك لقد جعل الله تعالى النبوة بعد إبراهيم عليه السلام في بنيه وذريته فقال: {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [العنكبوت: 27].. ثم اختار الله تعالى إسرائيل -وهو يعقوب عليه السلام من أبناء إسحاق بن إبراهيم.. فكانت النبوة في ذريته بني إسرائيل، وكانت سنة الله تعالى في بني إسرائيل لا تتبدل، ولا تتغير.. أيضا فإذا ما كانوا على أمر الله تعالى؛ مكَّن لهم في الأرض.. وجعل زمام الأمور بأيديهم.. ومتى زاغوا وبدَّلوا سلَّط عليهم من يذلهم، وينزع قيادة البشرية من أيديهم؛ إلى أن يرجعوا إلى أمر الله تعالى.

ولقد سكنت طوائف من بني إسرائيل من اليهود أطراف المدينة المنورة.. جاؤوا إليها من الشام ومصر يطمعون أن يكون ذلك النبي الخاتم منهم..كذلك ولـمَّا بعث الله تعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم من العرب.. نقموا عليه وحاربوه.. ولم يسمعوا لدعوته؛ بل كانوا أول كافر به من بني إسرائيل..أيضا فكان ذلك إيذانًا أن تنزع منهم قيادة الخلافة في الأرض، وتجعل في محمد وأمته صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى