القرآن الكريمتدبر

هذه الطريق فاسلكها

هذه الطريق فاسلكها

تدبر مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان | هذه الطريق فاسلكها.

لقي الفضيل بن عياض رجلا فسأله عن عمره، فقال: ستون سنة. قال: سبحان الله!! أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله؟ يوشك أن تصل،

أو قال يوشك أن تبلغ. فكأنه أيقظ الرجل من غفوة، وذكره من غفلة، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله.

وأنا بدوري أسألك أيها الأخ الحبيب: منذ كم سنة وأنت تسير إلى الله؟ كم سنة مرت عليك وأنت سائر إليه؟ في هذه السنين كيف تسير؟ وإلى أين بلغت؟

ويا ترى كم هدفا حققته وكم من الأهداف التي حددتها بقي؟ ويا ترى هل تحس بقرب الوصول وتحقق المأمول؟

ربما كثير منا لا يجد إجابة على هذه الأسئلة، لأنه لا يسير إلى الله أصلا، إنما يسير في الدنيا وإليها،

وإن كان يسير إلى الله فإنه يسير كيفما أُتفق: (يتوضأ كما يتوضأ الناس، ويصلي كما يُصلي الناس،

كذلك ويصوم كما يصوم الناس ويزكي ويحج كما يحج الناس ويصومون)، هكذا تعودنا وهكذا تعلمنا من آبائنا.

ايضا وعبادات تؤدى على أنها عادات بلا بحث عن أسرارها، وبلا إدراك لمعانيها، وبلا حرص على ثمراتها، وبلا مراقبة لعواقبها ونتائجها.

ربما ترك بعض المعاصي الظاهرة، أو حضر محاضرة أو محاضرتين، وسمع شريطاً أو شريطين،

كذلك وقرأ صفحات في كتاب أو كتابين، ربما قرأ يوما شيئاً من القرآن وأكثر الأيام لا يفتحه،

أيضا وفي بعض الأحيان يذكر الله وأغلب الوقت غافل عنه.. فهل من هذا صفته سائر إلى الله حقا، وساع في تزكية نفسه وتربيتها صدقا؟!!

هذه الطريق فاسلكها

إن طريق تربية النفس وتزكيتها لا يمكن السير فيه إلا بعلامات للاهتداء، وإشارات للمسير،

كما توضح المراحل، وتدفع المخاطر، وتسهل اجتياز العقبات، وتيسر قطع المفاوز والفلوات، وتقيه شر المنعطفات.

يقول ابن القيم رحمه الله : «كل سائر إلى مقصد لا يتم سيره ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين:

قوة علمية، وقوة عملية: فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق، ومواضع السلوك،

كذلك ويجتنب أسباب الهلاك ومواضع العطب وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصل.

إذا فبهذه القوة ينكشف له النور عن أمرين: أعلام الطريق، ومعاطبها. وهذا شطر السعادة والفلاح..

أيضا والشطر الثاني في القوة العملية: بأن يضع عصاه على عاتقه، ويشمر مسافرًا في الطريق، قاطعا منازلها منزلة بعد منزلة،

فكلما قطع مرحلة استعد لقطع الأخرى، واستشعر القرب من المنزل فهان عليه مشقة السفر». (باختصار من طريق الهجرتين).

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى