خذ زينتك ولا تتكبر
تدبر مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان | خذ زينتك ولا تتكبر.
الاهتزاز عكس الخشوع، فالأصل في الأرض أنها خاشعة ساكنة، فلما جاءها الماء اهتزت،
كناية عن تحرك البذور في داخلها، وتحرك التربة، فأصبحت قابلة للإنبات،
فالأصل في الخشوع لغة هو السكون، شرعاً هو السكون أيضاً، لكن سكون محدد وهو سكون القلب،
أن يسكن القلب عند ذكر الله، أن يسكن القلب وأنت في الصلاة، أن يسكن القلب وأنت تطوف حول الكعبة،
كذلك أن يسكن القلب وأنت تعتمر، وأنت تحج، حتى أنه يسكن وأنت تدفع صدقةً، كذلك أن يسكن القلب وأنت ترى ما حلّ بديار المسلمين،
وما حلّ بالناس، فتخشع لرؤية ما ترى من أهوال، هذا كله من الخشوع وهو سكون القلب، سكون القلب هو الخشوع.
الآن أكثر ما يطلق الخشوع يطلق على الصلاة، ما معنى سكون القلب في الصلاة؟ أي أن القلب متوجه إلى الله عز وجل بكليته لا يشغله شاغل،
العوام يمزحون إذا ضاع لأحد شيء ما، ولم يجد هذا الشيء، يقولون له: اذهب وصلِّ فسوف تجده،
لا بمعنى أن تصلي وتدعو الله فتجده، بل لأنه في الصلاة يفكر بكل شيء إلا الصلاة! فيتذكر أين وضعها،
أما خارج الصلاة فتكون مشغولاً فلن تنتبه، طبعاً هذا الكلام للمزاح، لكن هو حقيقة يحدث أحياناً،
وهذه مشكلة أن يُفكر الإنسان داخل الصلاة في كلّ شيءٍ إلا الصلاة، أحياناً الأشخاص الذين يذهبون إلى الحج،
تزورهم بعد الحج يحدثك عن كل شيء في الحج إلا الحج، يتحدث عن الماء البارد، وكيف خرجوا، وكيف تأخرت الحافلات،
خذ زينتك ولا تتكبر
وتجلس معه ساعات، والحج؟! ما الأحوال في الحج؟ كيف شعرت؟أيضا كيف وقفت في عرفات؟ كيف طفت حول الكعبة؟
ماذا وجدت في الطواف؟ في السعي؟! لا يحدثك عنهم، فهذه مشكلة أن تصبح العبادات عادات، العبادة ليست عادة،
لذلك قالوا: عادات المؤمن حسنات، وعبادات المنافق سيئات، عادات المؤمن عبادات
بمعنى المؤمن من عادته أن يصحو صباحاً ويذهب إلى عمله، هذه عادة، لكن هو كلما خرج من بيته نوى بهذا العمل أن يخدم المسلمين،
ويخدم الناس عامةً، ويكفي نفسه وأهله، فتصبح عادته تلك عبادة، بينما المنافق عباداته سيئات،
لأنه حتى وهو يقف في العبادة يأخذ سيئات، لأنه إنما يصلي رئاء الناس، وقلبه مشغول بكل شيء إلا الصلاة.