القرآن الكريمتأملات

تأملات (2) مع د محمد علي

تأملات (2) مع د محمد علي

وفي هذه السورة نجد بعض الملامح التي يتوخى المنهج الإسلامي إنشاءها وتثبيتها في المجتمع المسلم ، بعد تطهيره من رواسب الجاهلية،

وإنشاء الأوضاع والتشريعات التنفيذية، التي تكفل حماية هذه الملامح وتثبيتها في الواقع الاجتماعي.

نجد في مستهلها تقريرا لحقيقة الربوبية ووحدانيتها، ولحقيقة الإنسانية ووحدة أصلها الذي أنشأها منه ربها، ولحقيقة قيامها على قاعدة الأسرة،

واتصالها بوشيجة الرحم، مع استجاشة هذه الروابط كلها في الضمير البشري،

واتخاذها ركيزة لتنظيم المجتمع الإسلامي على أساسها، وحماية الضعفاء فيه عن طريق التكافل بين الأسرة الواحدة،

ذات الخالق الواحد، وحماية هذا المجتمع من الفاحشة والظلم والفتنة وتنظيم الأسرة [ ص: 559 ]

 المسلمة والمجتمع المسلم، والمجتمع الإنساني كله، على أساس وحدة الربوبية ووحدة البشرية :

 يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام. إن الله كان عليكم رقيبا ..

كذلك وهذه الحقيقة الكبيرة التي تتضمنها آية الافتتاح تمثل قاعدة أصيلة في التصور الإسلامي،

أيضا تقوم عليها الحياة الجماعية. نرجو أن نعرض لها بالتفصيل في مكانها من سياق السورة.

ونجد التشريعات العملية لتحقيق البناء التكافلي للجماعة مستندة إلى تلك الركيزة:

كذلك في حماية اليتامى نجد التوجيه الموحي، والتحذير المخيف، والتشريع المحدد الأصول:

 وآتوا اليتامى أموالهم، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا (آية 2)..

وابتلوا اليتامى، حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا، وبدارا أن يكبروا. ومن كان غنيا فليستعفف، ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف.

فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم. وكفى بالله حسيبا .. (آية 6) 

وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم. فليتقوا الله، وليقولوا قولا سديدا. 

إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا، وسيصلون سعيرا (9 – 10) ..

تأملات (2) مع د محمد علي

أيضا وفي حماية الإناث خاصة – يتيمات صغيرات ونساء مستضعفات – وحفظ حقهن جميعا في الميراث، وفي الكسب،

كذلك وفي حقهن في أنفسهن، واستنقاذهن من عسف الجاهلية، وتقاليدها الظالمة المهينة.. نجد أمثال هذه التوجيهات والتشريعات المنوعة الكثيرة:

 وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى وثلاث ورباع،

فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا .

وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا (3 – 4) ..

للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون. مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (آية 7)..

يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن – إلا أن يأتين بفاحشة مبينة –

وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا 

وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج، وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا.

أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض، وأخذن منكم ميثاقا غليظا؟ 19 – 21

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى