الجهاد في سبيل الله
تدبر مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان | الجهاد..!
إذا في كتابِ الله عز وجل عشراتُ الآيات في فضلِ الجهاد في سبيل الله عز وجل، حتى أنَّ عائشة رضي الله عنها لمَّا قرأتْ كتاب الله بتدبرٍ انتبهت لذلك؛
فقالتْ: يا رسول الله! نرى الجهادَ أفضلَ العملِ؛ أفلا نجاهد؟ قال: “لا، لكِنَّ (وفي رواية: لَكُنَّ) أفضلَ الجهادِ حجٌّ مبرورٌ” أخرجه البخاري.
أيضا لقد ضلَّ كثيرٌ من المسلمين في هذا العصرِ في حين قصروا الجهاد في سبيل الله تعالى على جهادِ السيف، ألم يقرأ هؤلاء قولَ ربِّنا سبحانه:
“فَلَا تطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا” الفرقان: 52. عن ابن عباس رضي الله عنهما: “وَجَاهِدْهُمْ بِهِ”
قال: بالقرآنِ. قال الإمام القرطبي رحمه الله: “وَجَاهِدْهُمْ بِهِ” قال ابن عباس: بالقرآن. وقال ابن زيد: بالإسلام.
كذلك وقيل: بالسيف، وهذا فيه بعدٌ؛ لأنَّ السورةَ مكيَّةً، نزلت قبلَ الأمرِ بالقتالِ. وقال ابن القيم رحمه الله يقول: هذا جهادٌ لهم بالقرآنِ، وهو أكبرُ الجهادَين.
إذا فإنَّ الجهاد بالكلمةِ من أعظمِ أنواعِ الجهادِ في سبيل الله، فلقد صحَّ عن طارق بن شهابٍ –
كذلك وله رؤيةٌ، أنَّ رجلا سألَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقد وضعَ رجلَه في الغرزِ:
أي الجهادِ أفضلُ؟ قال: “كلمة حقٍّ عند سلطانٍ جائرٍ”. أخرجه أحمد بإسناد صحيح.
الجهاد في سبيل الله
كما إنك لو نظرت في حياة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام لرأيت عددًا كبيرًا منهم لم يحاربْ؛
إذا فإنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يحارب قومَه بالسيف ولم يقاتلهم أبدًا،
فهل تراه لم يكن من المجاهدين؟ أيضا وقلْ مثلَ هذا في نوحٍ، وعيسى، ولوطٍ، وشعيبٍ،
كذلك ويحيى عليهم السلام،لم يحاربْ أحدٌ منهم قومَه، فهل تجترئ على القولِ: إنَّهم عليهم السلام لم يكونوا مجاهدين؟!
لا والله، لقد كانوا شيوخَ المجاهدين وقادَتهم وقدوتَهم، لقد جاهدوا أعظمَ الجهادِ،
كذلك وصدعوا بكلمة الحقِّ في وجه الطغاة المتجبرين، ونشروا دينَ الله عزَّ وجلَّ في الخافقين، وصبَروا على أذى العتاة المجرمين.
أيضا من جميل ما استدلَّ به العلماء على أنَّ الجهادَ لا يكون بالسَّيف فحسب قولُه تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ” التوبة: 7.
كما قال ابن القيم رحمه الله: لم يكنِ المنافقون يقاتلون المسلمينَ، بل كانوا معهم في الظَّاهرِ،
كذلك وربما كانوا يقاتلون عدوَّهم معهم، ومعَ هذا قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ”، ومعلوم أنَّ جهادَ المنافقين بالحجَّةِ والقرآنِ.
إذا المقصود أنَّ “سبيلَ الله” هي: الجهادُ، وطلب العلمِ، ودعوة الخلقِ به إلى الله.
ولهذا قال معاذ -رضى الله عنه-: عليكم بطلبِ العلمِ؛ فإنَّ تعلمَه لله خشيةٌ، ومدارستَه عبادةٌ، ومذاكرتَه تسبيحٌ، والبحثَ عنه جهادٌ