القرآن الكريمتدبر

لا مستحيل مع إرادة الله

لا مستحيل مع إرادة الله

تدبر مع فضيلة الشيخ عبد العزيز أصلان | لا مستحيل على إرادة الله!

فدع عنك الوساوس ولا تبال بها، ولا داعي لهذه الأفكار والتساؤلات، وإنما يكفيك أن تؤمن بأن الله على كل شيء قدير،

وتؤمن بأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وقد بين العلماء ما تتعلق به قدرة الله تعالى، وأنها متعلقة بكل ممكن،

وكذا إرادته تعالى فإنها متعلقة بالممكنات، قال السفاريني في منظومته:

بقدرة تعلقت بممكنِ     كذا إرادة فاعلمن واستبنِ

فدل على أن قدرة الله وإرادته تتعلق بالممكنات لا بالمستحيلات، وقد بين العلماء أن المستحيل الذي لا تتعلق به القدرة والإرادة ينقسم إلى قسمين،

مستحيل لذاته فهذا لا يتصور تعلق القدرة به البتة،

ومستحيل لغيره فهذا يمكن أن تتعلق به القدرة، ولا يمتنع وقوعه إذا أراد الله ذلك.

ولمزيد من التفصيل ننقل لك طرفا من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح كلام السفاريني المتقدم، أيضا قال عليه الرحمة: قال: (واقتدر بقدرة تعلقت بممكن) ، يعني من صفات الله تعالى القدرة،

كما قال: اقتدر، من باب المبالغة وهي أبلغ من قدر؛ لأن اقتدر تدل على صفة ذاتية لازمة، قال الله تعالى:

(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) (القمر: 54) (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (القمر: 55) ، وقال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة: الآية 20) ،

والآيات في هذا كثيرة. لكن المؤلف رحمه الله قيد القدرة حيث قال: (تعلقت بممكن) ، وتعلقت بالواجب أيضاً من باب أولى،

ولم تتعلق بالمستحيل؛ لأن المستحيل ليس بشيء، فضلا عن أن يكون مقدورا عليه. لكن المستحيل الذي يتصور ذهننا أنه مستحيل:

مستحيل لذاته، ومستحيل لغيره. أما المستحيل لذاته فهو مستحيل لا يمكن، فلو أن أحداً قال هل الله قادر على أن يخلق مثله؟

لا مستحيل مع إرادة الله

لقلنا: هذا مستحيل، لكن الله قادر على أن يخلق خلقا أعظم من الخلق الذي نعلمه الآن،

ونحن نعلم أن أعظم مخلوق نعلمه هو العرش، فهو أعظم من كل شيء من المخلوقات التي نعلمها،

ومع ذلك نعلم أن الله قادر على أن يخلق أعظم من العرش، لكن الشيء المستحيل لذاته هذا غير ممكن.

كذلك نحن نعلم أنه يستحيل في العادة – وليس لذاته – أن يقع خسوف القمر في أول الشهر، فهذا مستحيل حسب العادة،

ونعلم أيضاً أنه لا يمكن أن يهل الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبه، فهذا نعلم علم اليقين أنه لن يكون، لكن لغيره،

أي حسب ما أجرى الله العادة، وإلا فإن الله قادر على أن يكسف القمر في أول الشهر وعلى أن يهل الهلال ثم تخسف الشمس بعد غروبه.

إذاً قول المؤلف رحمه الله: ((تعلقت بممكن) نقول: ضده المستحيل، فالمستحيل لا تتعلق به القدرة؛

لأنه على اسمه مستحيل، ولكن يجب أن نعلم – حتى لا يتوهم واهم إننا خصصنا ما عممه أو قيدنا ما أطلقه –

أن المستحيل نوعان: مستحيل لذاته ومستحيل لغيره.

فالمستحيل لذاته:

لا يمكن أن تتعلق به القدرة، كما مثلنا وقلنا: لو قال قائل: هل يقدر الله أن يخلق مثله؟ قلنا: هذا مستحيل لذاته،

لأن المماثلة مستحيلة، وأدنى ما نقول في ذلك: أن هذا مخلوق والرب خالق، فتنتفي المماثلة على كل حال.

والمستحيل لغيره:

بمعنى أن الله تعالى أجرى هذا الشيء على هذه العادة المستمرة التي يستحيل أن تنخرم،

ولكن الله قادر على أن يخرمها، فهذا نقول إن القدرة تتعلق به،

فيمكن للشيء الذي نرى أنه مستحيل بحسب العادة أن يكون جائزا واقعاً بحسب القدرة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى