وأخي هارون
وأخي هارون | كليم الله (27) مع د علي الصلابي
إذا في الآية الكريمة وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردا يصدقني إني أخاف أن يكذبون
هذا سؤال صريح يدل على أن موسى لا يريد بالأول التنصل من التبليغ ولكنه أراد تأييده بأخيه .
وإنما عينه ولم يسأل مؤيدا إما لعلمه بأمانته ، وإخلاصه لله ولأخيه ، وعلمه بفصاحة لسانه .
و ( ردا ) بالتخفيف مثل ( ردء ) بالهمز في آخره : العون . قرأه نافع وأبو جعفر ( ردا ) مخففا . وقرأه الباقون ( ردءا ) بالهمز على الأصل .
كذلك و ” يصدقني ” قرأه الجمهور مجزوما في جواب الطلب بقوله ” فأرسله معي ” . وقرأه عاصم وحمزة بالرفع على أن الجملة حال من الهاء من ” أرسله ” .
أيضا ومعنى تصديقه إياه أن يكون سببا في تصديق فرعون وملئه إياه بإبانته عن الأدلة التي يلقيها موسى في مقام مجادلة فرعون كما يقتضيه قوله ” هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردا يصدقني ” .
فإنه فرع طلب إرساله معه على كونه أفصح لسانا وجعل تصديقه جواب ذلك الطلب أو حالا من المطلوب فهو تفريع على تفريع
فلا جرم أن يكون معناه مناسبا لمعنى المفرع عنه ، وهو أنه أفصح لسانا . وليس للفصاحة أثر في التصديق إلا بهذا المعنى .
أيضا وليس التصديق أن يقول لهم : صدق موسى ؛ لأن ذلك يستوي فيه الفصيح وذو الفهاهة .
إذا فإسناد التصديق إلى هارون مجاز عقلي ؛ لأنه سببه ، والمصدقون حقيقة هم الذين يحصل لهم العلم بأن موسى صادق فيما جاء به .
كذلك وجملة إني أخاف أن يكذبون تعليل لسؤال تأييده بهارون ، فهذه مخافة ثانية من التكذيب ، والأولى مخافة من القتل
وأخي هارون
كما قال سيدنا موسى:”وأخي هارون هو أفصح مني”، ما اجمل الإعتراف بمزايا الآخرين،
فهي من مزايا الأنبياء، وإنكارها من مزايا الشيطان وأعوانه “قال أنا خير منه” .
طلب إبراهيم إبنه للذبح فأمتثل، وطلب نوح إبنه للحياة فأبى،
كما أن البعض بارٌ بوالديه حد الذُّهول، والبعض عاقٌ حد العجب،!!، نرجو الله أنّ نكون من البارين بوالديهم .
قالوا للنبي هود:”، “إنا لَنَراكَ في سَفاهةٍ”، فأجابهم :” يا قَومِ ليس بي سفاهَةٌ “،
كذلك ولم يقل بل أنتم السفهاء!، ما أجمل رقي الأخلاق في تعامل الأنبياء، ليتنا نقلد أخلاقهم !.
ما أحسن الرد الجميل، وما أقوى أثره مع الزمن، فقد اذى الكفار رسول الله صل الله عليه وسلم،
أيضا وقالوا عنه ساحرٌ وكذّاب ومجنون وكاهن، وهو يرد عليهم” اللهمَّ اهد قومي فإنهم لا يعلمون”.