عبرة الإسراء والمعراج: من المحنة إلى المنحة

نعيش في هذه الأيام ذكرى معجزة الإسراء والمعراج، إحدى أعظم الأحداث الإسلامية التي لا تُذكر كحادثة تاريخية فحسب، بل كدرسٍ عميق في الصبر، اليقين، والفرج بعد الشدة. فهي قصةٌ تعلّمنا أن الابتلاءات قد تكون مقدمةً لتكريم الله تعالى لعباده.

المحنة قبل المنحة: ثلاث شدائد عظيمة

قبل معجزة الإسراء والمعراج، مرَّ النبي ﷺ بثلاث محنٍ شديدة، جعلت هذه الرحلة مكافأة إلهية بعد الصبر:

1. حصار شعب أبي طالب: الاختبار الأقسى

• حاصر المشركون المسلمين 3 سنوات في شعب أبي طالب، وقطعوا عنهم الطعام والشراب حتى أكلوا ورق الشجر.

• مات أطفالٌ من الجوع، لكن المؤمنين ثبتوا.

• العبرة: الصبر على الابتلاء يُعقبه فرجٌ عظيم.

2. وفاة أبو طالب: سند الدنيا يُفقد

• أبو طالب كان حامي النبي ﷺ ورغم عدم إسلامه، دافع عنه حتى آخر لحظة.

• موته ترك فراغًا أليمًا في حياة الرسول ﷺ.

• العبرة: فقدان الأحبة اختبار، ولكن الله هو الناصر.

3. وفاة خديجة: نعم السند

• كانت خديجة رضي الله عنها أول المؤمنات، وسند الرسول ﷺ في أحلك الأوقات.

• قال عنها ﷺ: "آمنت بي حين كفر بي الناس، وصدقتني حين كذبني الناس."

• العبرة: المؤمن يُبتلى ليُرفع درجته عند الله.

الطائف: الرفض والألم ثم البشائر

بعد هذه المحن، خرج النبي ﷺ إلى الطائف ليدعوهم إلى الإسلام، فقابله أهلها:

• بالسخرية والرفض.

• أغروا به الصبيان حتى أدموا قدميه الشريفتين.

• لكن من وسط هذا الألم، أسلم عداس النصراني (خادمهم)، وآمنت جماعة من الجن بعد سماعهم القرآن.

• العبرة: ما يبدو فشلًا قد يكون بداية نصرٍ قادم.

الإسراء والمعراج: التكريم الإلهي بعد المحن

جاءت رحلة الإسراء والمعراج كمفاجأة إلهية:

• من مكة إلى القدس (الإسراء)، ثم عروجٌ إلى السماوات (المعراج).

• التقى ﷺ بالأنبياء، وفرضت الصلاة كرابط بين العبد وربه.

• العبرة: بعد العسر يأتي اليُسر، وبعد الظلام يأتي النور.

الدروس المستفادة لنا اليوم

1. الصبر مفتاح الفرج: كما صبر النبي ﷺ، فصبرنا سيكون سببًا في تخطي المحن.

2. الابتلاء تمحيص ورفعة: كل شدة نمر بها تزيد إيماننا وتقربنا من الله.

3. لا يأس مع الإيمان: حتى في أحلك اللحظات، قد يكون الفرج قريبًا.

4. الصلاة نور المؤمن: كانت هدية المعراج، فهي عماد الدين وسبب السكينة.

من الظلام إلى النور

قصة الإسراء والمعراج تُذكّرنا بأن:

"مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 5-6).

فكما كرَّم الله نبيه بعد المحن، سيكرم كل صابرٍ مؤمن. فلنعتبر، ولنثق بأن الفرج قريب. 🌟