غرس القرآن الحلقة 20
الحلقة 20
8 views
في زمن تتسارع فيه المتغيرات، وتشتد فيه التحديات، يظهر برنامج غرس القرآن كمنارة نور تهدي الطريق وتحيي القلوب. فهو ليس مجرد برنامج تعليمي لحفظ الآيات، بل مشروع حضاري يهدف إلى غرس معاني القرآن الكريم في النفوس والعقول، ليعيد تشكيل الإنسان والمجتمع كما فعل من قبل حين أنزل الله هذا الكتاب العظيم على نبيه محمد ﷺ.
برنامج غرس القرآن هو منهج تربوي وروحي يعمل على ترسيخ مفاهيم القرآن في حياة الفرد والمجتمع، ويهدف إلى تربية جيل قرآني يتشبع بقيم الهداية، الرحمة، الشفاء، والعلم. وهو يستند إلى قاعدة أساسية: القرآن لا يحفظ فقط، بل يغرس ليستنبت ثماره في السلوك والأخلاق والتفكير.
لأن القرآن الكريم حين يغرس في القلوب، يثمر أمة جديدة كما فعل في صدر الإسلام. لقد كانت الأمة قبل نزول القرآن تعيش في ظلمات الجاهلية، تتخبط في أوهام العصبية والفساد والجهل، فلما جاء هذا الكتاب المبارك، أحياها وأخرجها من الظلمات إلى النور:
“وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا”
“الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور”
فالقرآن ليس فقط نصوصًا تتلى، بل هو روح تبعث الحياة في من تمسّه.
في بداية الرسالة، كانت الجزيرة العربية أمة ممزقة، لا وزن لها بين حضارات فارس وروما. لكن بعد نزول القرآن، انقلبت الموازين، وخرج من صحراء العرب رجال غيروا وجه التاريخ، غرسهم القرآن، وسقاهم الوحي، فاستقامت حياتهم على منهج “التي هي أقوم”:
“إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”
هؤلاء الذين كانوا أعداء، أصبحوا بإخوة القرآن متحابين:
“فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا”
غرس العقيدة السليمة: القرآن أصل في توحيد الله، وتطهير القلب من الشرك والهوى.
غرس الأخلاق القرآنية: من الصدق، والعفو، والتواضع، والعدل، قال النبي ﷺ: “كان خلقه القرآن”.
غرس التفكير العلمي والوعي الحضاري: أول أمر نزل من القرآن كان “اقرأ”، إشارة إلى أن البداية الحقيقية لأي نهضة تمر من بوابة العلم والمعرفة.
غرس الرحمة والشفاء:
“وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين”
البرنامج يستهدف تفعيل هذه القيم عمليًا في سلوك الطلاب والمشاركين.
برنامج غرس القرآن لا يكتفي بالتلقين، بل يهدف إلى أن يصبح المتعلم قرآنًا يتحرك على وجه الأرض. وهذا ما كانت عليه حال النبي ﷺ، ثم أصحابه من بعده، فصاروا هم النور الذي يضيء حياة الآخرين:
“أو من كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس”
وقد ضرب الله مثلًا بليغًا لهذا الغرس:
“كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها”
ما فعله القرآن في الجيل الأول، ليس حكرًا على زمن بعينه، بل هو وعد مستمر لكل من التزم به. لذلك فإن برنامج غرس القرآن يسعى لإعادة هذا النموذج القرآني الخالد على مدار الزمان، مستهدفًا الأسرة، والمؤسسة، والمدرسة، والمسجد، لإعادة بناء الأمة.
غرس القرآن هو السبيل الحقيقي لإحياء أمة الإسلام من جديد، فهو الذي يبني الإنسان، ويرتقي بالمجتمع، ويقيم الحضارة. إنه ليس كتابًا يقرأ فحسب، بل هو دستور حياة، ومصدر إشعاع روحي وفكري لا ينضب.
إذا أردنا أن ننهض، فعلينا أن نبدأ من حيث بدأ النبي ﷺ: من القرآن.
“ذلك الكتاب لا ريب فيه، هدى للمتقين”
لا توجد توصيات بعد.