صحابيات الحلقة 28
الحلقة 28
13 views
الصحابيات: رائدات في زمن النبوة
عندما نتحدث عن الصحابة، يتبادر إلى الأذهان رجال عظماء حملوا رسالة الإسلام وبذلوا الغالي والنفيس في سبيلها. ولكنّ التاريخ الإسلامي لا يكتمل إلا بذكر الصحابيات، أولئك النساء اللاتي كنّ أعمدة ثابتة في بناء المجتمع الإسلامي الأول، وقدوة في الإيمان، والوعي، والتضحية.
لقد حرّر الإسلام المرأة من قيود الجاهلية، ورفع منزلتها، وفتح أمامها أبواب العلم والعبادة والعمل والدعوة. في ظل هذا التمكين، برزت العديد من الصحابيات اللاتي كنّ راعيات للسيوف والفكر والتربية، مشاركات فاعلات في بناء الدولة الإسلامية.
رغم الصورة النمطية عن النساء، أثبتت الصحابيات أن الشجاعة لا تقتصر على الرجال. فقد شاركت بعضهن في الغزوات، لا فقط في تقديم الماء أو معالجة الجرحى، بل بالسيف والدرع.
من أشهر هؤلاء:
نُسيبة بنت كعب (أم عمارة)، التي قاتلت يوم أُحد دفاعًا عن رسول الله ﷺ، حتى أُصيبت بأكثر من اثني عشر جرحًا.
صفية بنت عبد المطلب، عمة الرسول، التي قاتلت رجلاً يهوديًا حاول التسلل إلى حصن المسلمين في غزوة الخندق، فقتلته بفأس دون أن تتردد.
لم يكن جهاد الصحابيات بالسيف فقط، بل كنّ راعيات للعلم والدين. عائشة رضي الله عنها، مثلًا، كانت من أكثر رواة الحديث، ومرجعًا للصحابة أنفسهم في المسائل الفقهية. كما ساهمت أم سلمة في صياغة الرأي السياسي في صلح الحديبية، عندما أشار النبي ﷺ على الصحابة بشيء فترددوا، وكانت مشورتها حاسمة.
الصحابيات أيضًا كنّ راعيات للبيت والمجتمع، حيث غرسن القيم، وربين الأجيال، وكنّ سندًا لأزواجهن وأبنائهن في طريق الدعوة.
مثال على ذلك:
خديجة بنت خويلد، أول من آمنت بالنبي، وأول من وقف بجانبه نفسيًا وماليًا، وهي التي قال عنها النبي ﷺ: «آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني حين كذبني الناس…».
من المهم ونحن نقرأ سير الصحابيات ألا نراها فقط كقصص تاريخية، بل كنماذج واقعية يمكننا الاقتداء بها اليوم. فكل فتاة أو امرأة يمكن أن تكون راعية في مجالها، سواء في الأسرة، أو العمل، أو الدفاع عن القيم والمبادئ، بما يتناسب مع زمانها وظروفها.
خاتمة
الصحابيات لسن مجرد أسماء في كتب السير، بل هنّ شعلة إيمان وقوة، جسّدن معاني الثبات والإخلاص، وكان لهنّ دور ريادي لا يقل أهمية عن الرجال. فلتكن سيرتهن نبراسًا ينير لنا الطريق، ونموذجًا نستلهم منه القيم والقدوة في زمن نحتاج فيه إلى بصمات نسائية مؤمنة، واعية، وشجاعة.
لا توجد توصيات بعد.