مفاتيح القلوب الحلقة 12
الحلقة 12
1 view
مفاتيح القلوب مع د محمود القلعاوي
في سلسلتنا عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، نتعلم كيف كان رسول الله ﷺ يملك مفاتيح القلوب، فكان أحسن الناس خُلُقًا وأكثرهم جذبًا للنفوس. وفي كل حلقة، سنتناول مفتاحًا من هذه المفاتيح التي علمنا إياها، لنطبقها في حياتنا وننشر المحبة والسلام.
وقبل أن نبدأ، فلنتفق على شيء مهم: “البخيل من ذُكِرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ” (صحيح البخاري). فلا تنسوا الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، ففيها بركة وفتح للقلوب.
أول مفتاح من مفاتيح القلوب الذي نتعلمه من النبي ﷺ هو الابتسامة. قال ﷺ:
“وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ” (صحيح الترمذي).
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أوصانا ألا نستهين بأي معروف، ولو كان مجرد وجه طليق وبشوش. فكيف تكون الابتسامة مفتاحًا للقلوب؟
لو تأملنا في حياتنا، نجد أن الأشخاص المبتسمين دائمًا ما يكونون محط أنظار الآخرين، يحبهم الناس ويأنسون بهم. الابتسامة لا تكلف شيئًا، لكنها تترك أثرًا عميقًا في النفوس.
قال النبي ﷺ:
“لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، فَلْيَسَعْهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ” (مسند أحمد).
فإن أردت أن تحبك القلوب، وأن تكون شخصية جذابة، فما عليك سوى أن تزرع الابتسامة على وجهك، فهي هدية لا تُقدَّر بثمن.
رغم ما عاناه النبي ﷺ من آلام الحياة – فقد مات أبوه قبل ولادته، وتوفيت أمه وهو في السادسة، ثم جده وهو في الثامنة، ثم عمه أبو طالب الذي كان يحميه – إلا أنه كان أكثر الناس تبسمًا وبشاشة.
عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت:
“مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ بَيْتًا إِلَّا وَهُوَ يَضْحَكُ” (مسند أحمد).
حتى في أشد المواقف، كان وجهه ﷺ مشرقًا بالبشر، مما جعل الناس تنجذب إليه وتطمئن له.
عندما عبس النبي ﷺ في وجه الأعمى (عبد الله بن أم مكتوم) وانشغل عنه بدعوة زعماء قريش، نزلت فيه آية تعاتب النبي ﷺ وتعلمنا درسًا عظيمًا:
“عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١﴾ أَن جَاءَهُ الْأَعْمَىٰ ﴿٢﴾” (سورة عبس).
رغم أن الأعمى لا يرى العبوس، إلا أن الله أراد أن يُعلّمنا أن الابتسامة رسالة روحية تصل إلى القلب قبل العين.
الابتسامة ليست مجرد تعبير وجهي، بل هي:
دليل على صفاء القلب ونقاء السريرة.
سحر يذيب الجليد بين القلوب.
صدقة لا تكلفك مالًا، لكن ثوابها عظيم.
فكما قال الحكماء:
“الابتسامة كالشمس تذيب الجليد، وتنبت الزهور في حديقة الروح”.
الابتسامة أول مفتاح من مفاتيح القلوب التي علمنا إياها النبي ﷺ، فهي لغة عالمية يفهمها الجميع، وسلاح قوي لكسب المحبة.
فلنحفظ هذا الحديث ونطبقه:
“وَتَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ”.
لا توجد توصيات بعد.