لنثبت به فؤادك الحلقة 21
الحلقة 21
1 view
يقول الله عز وجل: {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًۭا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَـٰبُ وَلَا ٱلْإِيمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَـٰهُ نُورًۭا نَّهْدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِىٓ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ} (الشورى: 52).
هذه الآية العظيمة تضع بين أيدينا حقيقة كبرى، وهي أن الله تعالى جعل الوحي نورًا يُضيء القلوب، وروحًا يُحيي العقول، وهدايةً تُخرج الناس من ظلمات الجهل والضلال إلى صراط مستقيم. فما هو هذا النور؟ وكيف نستفيد منه في حياتنا؟
النور في القرآن الكريم ليس مجرد ضوء مادي، بل هو حياة القلب باليقين، وسكينة الروح بالإيمان، ووضوح الرؤية بالهداية. يقول تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (البقرة: 257).
أما الظلمات فهي:
الشك والريبة في الاعتقاد.
القلق والتوتر في الحياة.
الشرك والضلال في العبادة.
والمجتمعات اليوم – رغم تقدمها المادي – تعيش في ظلمات روحية، حيث انتشرت الشبهات، وضَعُفَ اليقين، وسادت الماديات حتى غدا الكثيرون يعيشون في تخبطٍ وحيرةٍ، يبحثون عن السعادة في كل مكان إلا في نور الإيمان.
الفساد الذي نراه في العالم له ثلاثة مستويات:
فساد القلوب: بالشرك، والجهل، والغفلة عن الله.
فساد الجوارح: بمعصية الله في الأفعال والأقوال.
فساد الأحوال: بالكوارث، والأزمات، واختلال الموازين.
والعلاج الحقيقي يبدأ من إصلاح القلب، لأن القلب إذا استنار بنور الإيمان، صلحت الجوارح، فامتنعت عن المعاصي، واجتهدت في الطاعات، وبالتالي تحسنت الأحوال بقدرة الله تعالى.
أعظم ما يحتاجه الإنسان هو اليقين، لأنه:
يمنحه طمأنينة في الشدائد.
يجعله واثقًا بحكمة الله في كل أمر.
يدفعه إلى العمل الصالح رغم التحديات.
والقرآن مليء بمواقف الأنبياء الذين واجهوا أعتى الظروف بيقين ثابت، مثل قول النبي ﷺ لأبي بكر في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (التوبة: 40).
تلاوة القرآن بتدبر: فهو نور يُشرق في القلب، كما قال تعالى: {كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ} (إبراهيم: 1).
التعرف على الله بأسمائه وصفاته: فمن عرف ربه، اطمأنت نفسه.
المذاكرة في علم الإيمان: لأن الجهل بالعقيدة الصحيحة يؤدي إلى الزيغ.
الإكثار من الذكر والاستغفار: فهو يُنير القلب ويُذهب الهم.
صحبة أهل الإيمان: فهم كالمصابيح يُضيئون الطريق.
إن الحياة دون نور الإيمان ظلمات بعضها فوق بعض، أما من تمسك بهذا النور، فقد فاز بالسكينة في الدنيا، والنعيم في الآخرة. فلنحرص على أن تكون قلوبنا عامرة بنور القرآن والسنة، ولنعلم أن أعظم كرامة هي الهداية إلى صراط الله المستقيم.
{قَدْ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٌۭ وَكِتَـٰبٌۭ مُّبِينٌۭ ۞ يَهْدِى بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَـٰمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِهِۦ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ} (المائدة: 15-16).
فهل نكون من أهل النور؟ أم نبقى في ظلمات الغفلة؟ الخيار بين أيدينا.
لا توجد توصيات بعد.