تأملات الحلقة 1
الحلقة 1
4 views
لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وجعله خليفة في الأرض، وأنزل الكتب وأرسل الرسل لهدايته وإرشاده إلى طريق الفطرة السليمة. يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء: 70).
آخر الكتب السماوية، القرآن الكريم، هو أعظم تكريم للإنسان، لأنه يلبّي احتياجاته الروحية والمادية، ويواكب فطرته. فالإنسان بغير هدي القرآن يكون في ضلال مبين، كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} (المائدة: 15-16).
ولكي يحقق الإنسان سعادته، يجب أن يتدبّر القرآن ويعمل به، لأن الله أنزله ليكون منهج حياة، لا مجرد كتاب يُتلى. يقول تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (ص: 29).
من أعظم النماذج القرآنية التي تنظّم حياة الإنسان في المجتمع هي سورة النساء، التي تُعدّ دستورًا اجتماعيًا متكاملًا. نزلت هذه السورة في المدينة المنورة لتؤسس لمجتمع إنساني قائم على العدل والرحمة، وتعالج قضايا أساسية مثل:
حقوق الضعفاء (كالأيتام والنساء).
العلاقات الأسرية والاجتماعية.
العدل والمساواة بين الأفراد.
الحماية من الأعداء الداخليين والخارجيين.
الرقابة الذاتية (التقوى) كأساس للاستقامة.
تبدأ السورة بنداء عام: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} (النساء: 1). وهذا يؤكد أن قيم القرآن ليست للمسلمين فقط، بل هي للإنسانية جمعاء، لأنها تلامس الفطرة السليمة التي خلق الله الناس عليها.
التوحيد والصلاح الروحي: لا يستقيم مجتمع دون إيمان بالله ورقابة ذاتية.
الوحدة الإنسانية: الناس جميعًا ينتمون إلى أصل واحد، مما يرسخ مبدأ المساواة.
العدل الاجتماعي: بضمان حقوق الأيتام والنساء والضعفاء.
الأخلاق والقيم: كالصدق والوفاء بالعهود.
المقاومة ضد الفساد: بتحذير المجتمع من الأعداء والانحرافات.
إن القرآن الكريم هو النور الذي يزيل ظلمات الضلال، ويحيي القلوب بالإيمان، ويبني المجتمعات على التقوى والعدل. فالتدبّر والعمل به هو سبيل النجاح في الدنيا والآخرة.
{هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 138).
لا توجد توصيات بعد.