
التعاون في العلاقة الزوجية
الحياة الزوجية هي أكثر الروابط قداسة، وهي أكثر الروابط التي يجب الحفاظ عليها وتأمين السعادة والطمأنينة فيها، لذلك يعتبر التعاون بين الزوجين، من أهم أسس بناء العلاقة الزوجية السليمة لأنه له دور كبير في تعزيز الألفة والمحبة. وهناك أشكال متعددة لأوجة التعاون بين الزوجين منها:
أولا- تعاون الزوجين على البر والتقوى:
قال الله تعالى :(وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
التعاون على البر والتقوى بين الزوجين يحول البيوت إلى جنة وارفة الظلال ثمارها الطاعة وأغصانها الرضا، وذروة سنامها رضى الرحمن. ومن صور التعاون علي البر والتقوي:
1 – قيام أحد الزوجين ليلا للصلاة وإيقاظ شريكه، فعَنْ أَبِى هرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِى وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِى وَجْهِهِ الْمَاءَ)) [رواه أحمد]. ربما قد يشعر أحد الزوجين بضعفه وتكاسله عن القيام بمفرده، عندئذ يمكن أن يوقظ شريكه ويصليا معا وذلك أيسر على النفس في أداء العبادات وأسهل في التغلب على المعوقات.
2 – قيام أحد الزوجين بتذكرة الآخر بحقيقة الدنيا الزائلة وما فيها من مضلات الفتن، والآخرة المقبلة وحاجة المرء إلى صلة تصله بربه ليرقق القلب وليهيئه وينشطه للقيام بتلك العبادات.
3 – الإشتراك سويا علي ترديد الأذكار والتسبيح والتهليل، فقد دخل النبي ﷺ على أم المؤمنين جويرية وكان قد خرج منها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها (أي في موضع صلاتها ) ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟) قالت نعم. فقال ﷺ: (لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته) رواه مسلم.
التعاون في العلاقة الزوجية
4 – أداء العمرة والحج والصيام و الصدقة ونحوها من أبواب البر، وفي المعنى حديث عائشة مرفوعاً (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب وللخازن مثلُ ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً) رواه البخاري ومسلم .
5 – ما أجمل أن يقرأ الزوجان معًّا شيئًا ولو يسيرًا من القرآن بعد صلاة الفجر، ويجعلان ذلك وِرْدًا يوميًّا لهما، فإن كثيرًا ممن قاموا بهذا الأمر أقروا بأثره الطيب على قلوبهم، بل إنه يذيب ما قد يعلق بقلب الزوجين من آثار الخلافات.
ثانيا – تعاون الزوجين في طلب العلم:
قال تعالى: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة: 11]. وقال ﷺ: (من يرد الله به خيرًا، يُفَقِّهْهُ في الدين) [متفق عليه].على الزوج أن يعلِّم زوجته أمور دينها، إن كان قادرًا على ذلك، من حيث العلم والوقت، فإن لم يقدر فعليه أن يأذن لها بالخروج؛ لتحضر مجالس العلم والفقه في المسجد أو المعهد، وعليه أن يُيَسِّر لها سُبُل المعرفة من شراء كتب نافعة، أو شرائط مسجَّلة، بها دروس ومواعظ.
وقد عملت زوجات النبي -رضوان الله عليهن- على تبليغ الدين، وأحاديث النبي ﷺ إلى سائر المسلمين، كما حرصت نساء الصحابة على التفقُّه في الدين، فقالوا: يا رسول الله غلبنا عَليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من نفسك، فوعدهنَّ يومًا لقيهنَّ فوعظهنَّ وأمرهنَّ. [البخاري] .
وبرز من النساء فقيهات، ومحدِّثات، وواعظات، في القديم والحديث، فكانت المرأة تطلب العلم كزوجها، لحرصها على التفقه في الدين، وحتى تربى أبناءها على الدين والتفقه فيه.. أيضا وكانت السيدة أم سلمة -رضي الله عنها- فقيهة.. كما تجيب عن أسئلة النساء.. أيضا وعرفت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بالعلم الغزير.
ثالثا- تعاون الزوجين في طلب الرزق:
كذلك النفقة حق للزوجـة وواجب على الزوج.. فعن معاويـة بن حَيْدة -رضي الله عنه- .. حيث قال: قلت: يا رسول الله.. ما حق زوجة أحدنا عليه؟ .. قال: (أن تطعمها إذا طعمتَ، وتكسوها إذا اكتسيتَ.. ولا تضرب الوجه، ولا تقبِّح، ولا تهجر إلا في البيت) .. [أبو داود، وابن حبان].
أيضا والزوجة الفاضلة توفِّر على زوجها كثيرًا من نفقات المعيشة .. تلبس ما يستر عورتها.. كذلك وتأكل ما يَسُدُّ حاجتها.. وتستطيع أن تتحمل نصيبًا من أعباء زوجها.. أيضا فقد ساعدت أسماء بنت أبي بكر زوجها الزبير بن العوام -رضي الله عنهم-.. في زراعة الأرض التي أقطعها له النبي ﷺ.. فكانت تحمل النوى على ظهرها مسيرة عدة أميال.. ثم تعدُّه غذاءً لفرس زوجها.. حتى أهداها أبوها (أبو بكر الصديق) -رضي الله عنهما- .. خادمًا يكفيها هذه الخدمة.