السلف الصالح وقيام الليل
السلف الصالح وقيام الليل |(24) | مع الشيخ عبد الخالق الشريف
فالصلاة لها مكانة عظيمة في دين الإسلام، من حافَظ عليها وأقامها كما أمر الله عز وجل، ورسوله عليه الصلاة والسلام، فقد سعِد في الدنيا والآخرة، ومن جاهد نفسه فحرص على أداء نوافل الصلاة، ففي ذلك فضل كبير، وأفضل نوافل الصلوات قيام الليل؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))؛ [أخرجه مسلم].
وصلاة الليل من أعظم أسباب دخول الجنة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصِلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناسُ نيام، تحُلُّوا الجنة بسلام))؛ [أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث صحيح].
وكان عليه الصلاة والسلام يجتهد في قيام الليل؛ فعن عائشة رضي الله عنها:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة:
لمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: أفلا أحبُّ أن أكون عبدًا شكورًا))؛ [متفق عليه].
والمسلم عليه أن يجاهد نفسه على قيام الليل، لكن لا يشقُّ على نفسه حتى يملَّ ويترك القيام؛ قال العلامة ابن باز رحمه الله: “الأفضل في حقنا القصد،
أيضا وعدم التطويل الذي يشق علينا حتى لا نمل، وحتى لا نفتر من العبادة،
إذا فالمؤمن يصلي ويجتهد ويتعبد لكن من غير مشقة، بل يتوسط في الأمور حتى لا يمل العبادة”.
السلف الصالح وقيام الليل
أيضا للسلف أقوال في قيام الليل جمعت بفضل الله وكرمه بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها.
التلذذ بمناجاة الله:
قال مسلم بن اليسار: “ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل”.
أيضا قال ثابت: “كابدت قيام الليل عشرين سنة، وتنعمت به عشرين سنة أخرى”.
كما كان أبو سليمان يقول: “أهل الليل في ليلهم ألذُّ من أهل اللهو في لهوهم”.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “ما عند المحبين ألذ من أوقات الخلوة بمناجاة محبوبهم، هو شفاء قلوبهم، ونهاية مطلوبهم…
من لم يشاركهم في هواهم وذوق حلاوة نجواهم، لم يدرِ ما الذي أبكاهم”.
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: قال الله عز وجل:
﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ [السجدة: 16]؛ “أي: ترتفع جنوبهم وتنزعج عن مضاجعها اللذيذة،
ذلك إلى ما هو ألذ عندهم منه، وأحب إليهم؛ وهو الصلاة في الليل، ومناجاة الله تعالى”.