وحى الله لأم موسى
كليم الله مع د علي الصلابي | الحلقة الخامسة (وحى الله لأم موسى)
فان أهل العلم اختلفوا في نوعية هذا الوحي، فقيل ألهمها الله ذلك، وقيل كانت رؤيا في النوم،
وقيل خاطبها الملك كما خاطب مريم وسارة،
وكل هذا قد يحصل لغير الرسل، وأما الوحي الذي تشرع به العبادات، وتنسخ به الأحكام، فلا يكون إلا للرسل.
فقد قال ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير (3/ 375) : قوله تعالى:
وأوحينا إِلى أُم موسى.. فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه إِلهام، قاله ابن عباس.
والثاني: أنَّ جبريل أتاها بذلك، قاله مقاتل. والثالث: أنه كان رؤيا منام، حكاه الماوردي. اهـ.
وبهذا يعلم أن الوحي له معنيان؛ معنى خاص، وهو: إرسال جبريل إلى النبي للإيحاء إليه؛ فهذا وحي تشريع يخص الأنبياء والرسل دون غيرهم.
أيضا وأما المعنى العام للوحي فهو: بمعنى الإلهام، كالرؤى، والتحديث، ونحو ذلك؛ وهذا يكون للأنبياء وغيرهم.
قال ابن تيمية: وليس كل من أوحي إليه الوحي العام يكون نبيا؛ فإنه قد يوحى إلى غير الناس؛
كما قال تعالى: {وأوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتخِذِي مِنَ الجِبَالِ بيوتَاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}، و
كذلك قال أيضا : {وأوحى في كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}. وقال تعالى عن يوسف وهو صغير:
{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ في غَيَابَةِ الجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُون}،
وقال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ}، وقال تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي}. اهـ.
وحى الله لأم موسى
كذلك وقال أحد العلماء: الوحي هو: الإعلام بسرعة وخفاء، وهو على نوعين: وحي إلهام، ووحي إرسال. وحي الإلهام:
يكون بإلهام الله بعض المخلوقات ببعض الأمور؛ مثل قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} أي: ألهمها،
أيضا ومثل قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ}،
كما ألهم الله أم موسى أن تعمل هذا العمل بولدها لما ولدته،
أيضا وكان فرعون يقتِّل الذكور، فالله ألهمها أن تعمل هذا العمل من أجل نجاة موسى من هذا الجبار.
وأما وحي الإرسال: فهو الذي ينزل به جبريل -عليه السلام- إلى الرسل.