النفس الخائبة
ومضات نفسية مع د شادي ظاظا |الحلقة الرابعة (النفس الخائبة)
{ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا }- أي: أخفى نفسه الكريمة، التي ليست حقيقة بقمعها وإخفائها، بالتدنس بالرذائل، والدنو من العيوب،
كذلك والاقتراف للذنوب، وترك ما يكملها وينميها، واستعمال ما يشينها ويدسيها
أي خابت وخسرت نفس أضلها الله فأفسدها .
كما قال الحسن : معناه قد أفلح من زكى نفسه فأصلحها وحملها على طاعة الله – عز وجل ،
أيضا ” وقد خاب من دساها ” أهلكها وأضلها وحملها على المعصية ، فجعل الفعل للنفس .
و ” دساها ” أصله : دسسها من التدسيس ، وهو إخفاء الشيء ، فأبدلت السين الثانية ياء .
والمعنى هاهنا : أخملها وأخفى محلها بالكفر والمعصية .
أخبرنا أبو الحسن علي بن يوسف الجويني ، أخبرنا أبو محمد محمد بن علي بن محمد بن شريك الشافعي ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم أبو بكر الجوربذي ،
حدثنا أحمد بن حرب ، حدثنا أبو معاوية عن عاصم ، عن أبي عثمان وعبد الله بن الحارث ،
النفس الخائبة
عن زيد بن أرقم قال : لا أقول لكم إلا ما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
لنا : ” اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والجبن والهم وعذاب القبر ،
اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها ،
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن دعوة لا يستجاب لها
أيضا وقوله: دساها أى: نقصها وأخفاها بالمعاصي والآثام.
وأصل فعل دسّى: دسّس، فلما اجتمع ثلاث سينات، قلبت الثالثة ياء، يقال: دس فلان الشيء إذا أخفاه وكتمه.
والمعنى: وحق الشمس وضحاها، وحق القمر إذا تلاها.
وحق النفس وحق من سواها، وجعلها متمكنة من معرفة الخير والشر.
لقد أفلح وفاز وظفر بالمطلوب، ونجا من المكروه، من طهر نفسه من الذنوب والمعاصي.
وقد خاب وخسر نفسه.
وأوقعها في التهلكة، من نقصها وأخفاها وأخملها وحال بينها وبين فعل الخير بسبب ارتكاب الموبقات والشرور.
كما قال الآلوسى ما ملخصه: وقوله-تبارك وتعالى-: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها جواب القسم.
وإليه ذهب الزجاج وغيره.
كذلك والأصل: لقد أفلح، فحذفت اللام لطول الكلام المقتضى للتخفيف.
وفاعل من «زكاها» ضمير «من» والضمير المنصوب للنفس ...