وجاء رجل من أقصى المدينة
وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى | كليم الله (15) مع د علي الصلابي
إذا (وجاء رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يسعى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يأتمرون بِكَ ليقتلوك فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) {وجاء رجل من أقصى المدينة} هو مؤمن آل فرعون وكان ابن عم فرعون
{يسعى} صفة لرجل أو حال من رجل لأنه وصف بقوله من أقصى المدينة
{قال يا موسى أَنِ الملأ يأتمرون بِك ليقتلوك}
أي يأمر بعضهم بعضاً بقتلك أو يتشاورون بسببك والائتمار التشاور
كذلك ويقال الرجلان يتآمران ويأتمران لأن كل واحد منهما يأمر صاحبه بشيء
أو يشير عليه بأمر {فاخرج} من المدينة {إِنى لك مِن الناصحين} لك بيان وليس بصلة الناصحين لأن الصلة لا تتقدم على الموصول
كأنه قال إني من الناصحين ثم أراد أن يبين فقال لك كما يقال سقياً لك ومرحباً لك
ينبغي أن نعلم أنه إذا جاء المسمى مبهماً في القرآن أو في السنة فإن الواجب إبقاؤه على إبهامه،
وأن لا نتكلف في البحث عن تعيينه؛ لأن المهم هو القصة والأمر الذي سيق من أجله الكلام للاعتبار والاتعاظ،
وكونه فلاناً أو فلاناً لا يهم، فالمهم الأمر الواقع، فالقرآن الكريم لم يبين الله تعالى فيه هذا الرجل في الآيتين الكريمتين،
بل قال في سورة القصص: ﴿وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى﴾ وفي سورة يس قال:
﴿وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى﴾ فقدم الرجل في سورة القصص وأخره في سورة يس ولم يبين ذلك، ومحاولة الوصول إلى تعيينه ليس وراءها فائدةٌ تذكر.
وجاء رجل من أقصى المدينة
وعلى هذا فلا ينبغي أن يشغل الإنسان نفسه بتعيين مثل هذه المسميات، بل تبقى الآيات والأحاديث على إبهامها،
أيضا ويوجه المخاطب إلى أن المقصود الاعتبار لما في القصة من أحكام ومواعظ.
أما تفسير الآيتين ففي سورة القصص الله سبحانه وتعالى لموسى رجلاً ناصحاً جاء من أقصى المدينة،
يخبر موسى عليه الصلاة والسلام بأن الملأ،
وهم الأشراف والأكابر في المدينة يتشاورون ماذا يصنعون بموسى عليه الصلاة والسلام
الذي قتل أحدهم -أي أحد الأقباط- وكان هذا من تيسير الله عز وجل لموسى صلى الله عليه وسلم،
ولهذا أرشده الرجل بأن يخرج، قال: فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ، وذكر الله تمام القصة.
أما في سورة يس فإن الله سبحانه وتعالى أرسل إلى أهل القرية رسولين فكذبوهما وأنكروا رسالتهما، فأرسل الله تعالى رسولاً ثالثاً يعززهما به،
أي: يقويهما به؛ ولكن مع ذلك أصروا على الإنكار،
وجرى بينهم وبين أهل هذه القرية ما جرى، فجاء من أقصى المدينة