في قصر فرعون
في قصر فرعون | كليم الله (12) مع د علي الصلابي
جاء موسى عليه السلام بعصا ومعه أخوه هارون إلى ذلك القصر العظيم؛ قصر فرعون، الذي كان يقول للناس:
{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤] ليس أي رب! بل الأعلى، واستأذن موسى من البوابين، وقال: أريد أن أدخل على فرعون.
قالوا: أنت تدخل على فرعون!! أنت صاحب العصا، والملابس الرثة وتدخل على فرعون! قال: استأذنوه،
فأذن له فرعون متعجباً من أمره، فدخل موسى الذي ربي في قصر فرعون، فقال له: ما الذي جاء بك يا موسى؟ قال:
جئت أدعوك إلى الله جل وعلا وإلى أن تزكى! فإذا بفرعون يتجبر ويطغى ويرعد ويزبد، فقال له موسى: إن جئتك بآية أتؤمن بها؟
قال: ائت بها، فإذا بموسى عليه السلام يخرج يده فإذا هي بيضاء، ويلقي عصاه فإذا هي ثعبان فخاف فرعون، وقال للملأ يستشيرهم: ماذا أفعل؟ قالوا: أَرْجِهْ وَأَخَاهُ.
أي: أخره وأخاه، لا تقتله، افضحه عند الناس، اكشف لعبته وسحره أمام الملأ.
قال بعضهم: أخره أربعين يوماً.
فقال: يا موسى! نؤخرك إلى يوم بيننا وبينك {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} [طه:٥٩]-وهو يوم العيد-
في قصر فرعون
إذا أريد أن يكون الموعد في يوم العيد؛ اليوم الذي يجتمع فيه الناس كلهم {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً} [طه:٥٩]
ليس في الليل ولا في الفجر، بل في الضحى وكل الناس فيه منتبهون،
ليس هناك رجل نائم ولا غائب، بل كلهم مجتمعون -انظر الواثق بدينه وبربه والمستيقن به- قال فرعون: لك ذلك.
أيضا ذهب موسى مع هارون، وذهب فرعون يحشر السحرة من قومه، وكان قوم فرعون مشتهرين بالسحر،
كذلك فأتى فرعون بكل ساحر عليم، وهم أعظم السحرة قال ابن عباس: بلغوا سبعين ساحراً.
وقال بعض المفسرين: بلغوا اثني عشر ألف ساحر.
كما قال بعضهم: بلغوا ثلاثين ألفاً، وقال بعضهم: بلغوا تسعين ألف ساحر، اجتمعوا عند فرعون يوم الزينة،
أيضا وكان في الصف المقابل لهم موسى الضعيف الذي لا يملك إلا عصا، ولا يكاد يبين بقوله؛
ولذلك طلب أخاه هارون، وقال: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً} [القصص:٣٤]
إذا فإن الموقف رهيب، والحشد عظيم؛ والجمهور كبير! كل القوم قد تجمعوا وتجمهروا لذلك الموعد،
وجاء فرعون واجتمع مع حاشيته ينظرون إلى هذه المباراة، وذلك المشهد العظيم