التزكية

صفقات رمضانية (6)

صفقات رمضانية (6)

صفقات رمضانية (6) مع د محمود القلعاوي

الصوم نصف الصبر

شرَع الله تعالى الصومَ لتعلُّم الصبر، مرورًا بالتدرُّب على الانضباط وعلوِّ الهمة والمساواة، وانتهاءً ببلوغ تقوى الله والوصول إلى رحمته وجنته وعِتقه من النيران، ولقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر؛ حيث قال: “صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر”؛ رواه الإمام أحمد.

وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر، ويُذهب مَغَلَّة الصدر، قال: قلت: وما مَغَلَّةُ الصدر؟ قال: رجس الشيطان؛ رواه أحمد.

الصبر نصف الإيمان والصوم نصف الصبر، وأنواعه الصبر كلها تتجمع في الصوم كيف؟!

 صبر على الطاعة وصبر على المعصية، وصبر على الأقدار والآلام،

إذا صبر على الطاعة، فالصائم إيمانًا واحتسابًا يصبر على الصيام بالنهار ويصبر على القيام بالليل، إيمانًا بأنه الامتثال لأمر الله، واحتسابًا بأن الأجر من الله، “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه”، وكذلك القيام، وقوله سبحانه: “إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.

صفقات رمضانية (6)

أيضا النوع الثاني فهو صبرٌ على المعصية يجتنبها في رمضان، ويمتنع عنها بسهولة في غير رمضان.. لذلك يحتاج إلى مزيد من الصبر: “يدَع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي”.

 ثم الصبر على ألَم الجوع وألم العطش، والصبر على الأقدار التي تحيطه من كل جانب.. ذلك سواء أقدار مادية أم أقدار معنوية، لذلك تمثل خلق الصبر في الصوم بكل أنواعه.. أيضا متمثلًا كذلك في الآية الكريمة:

﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأولَئِكَ همُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]،

لقد كان جل المعارك في الإسلام في شهر رمضان.. لذا يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].. كما قال العلماء: أي: يغرف لهم من الحسنات غرفًا، ويقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

أيضا الصبر خلق عظيم يستزيد الصائم ويستعين به على كل آلامه التي يعيشها.. كذلك وآماله التي ينتظر تحقيقها، وكذا على كل ما يعتريه من شدائدَ وخطوبٍ وملمات.

 

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى