حب سماع النبى للقرآن من غيره
زاد المسافر (6) | مع الشيخ عبد الخالق الشريف | حب سماع النبى للقرآن من غيره
إذا وفي مجلس من مجالس العلم والإيمان التي كان يتلقى فيها الصحابة أصول التربية الإيمانية على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أمر عليه الصلاة والسلام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم فقال: (اقرأ عليَ القرآن)
فتعجب ابن مسعود رضي الله عنه من طلب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله كيف أقرأ عليك وعليك أنزل).
تعجب سيدنا عبد الله بن مسعود أن يطلب الرسول الله صلى الله عليه وسلم منه هذا الطلب
كذلك وهو الذي اختاره الله تعالى لينزل عليه كتابه وهو المصدر الذي يتلقون منه القرآن وهو الذي يقرئهم ويعلمهم إياه…
لكن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المعلم والمربي، أراد أن يستمع للقرآن من أجل التدبر والخشوع
أيضا وفي نفس الوقت أراد أن يعلم أصحابه وأمته أن الجلوس لسماع القرآن الكريم عبادة وأي عبادة. ولذلك أجابه عليه الصلاة والسلام:
حب سماع النبى للقرآن من غيره
(إني أحب أن أسمعه من غيري). فالمستمع للقرآن يجعل من سمعه نافذة ينفذ منها نور القرآن الكريم إلى القلبِ،
واللسانُ والعقلُ غير مشغولين بأحكام التلاوة ولا بضبط الحفظ ولا بالتركيز مع المتشابهات،
ولا بمقاومة الشرود الذي ينتاب القارئ من المصحف… لأنه يلقي بكلّيته في تأمل معاني القرآن وأسراره وتدبر آياته،
فيحدث ذلك خشوعا وبكاء وتأثرا لاسيما إذا كان القارئ حسن الصوت متقنا لصنعة التجويد. ولذلك لما وصل سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه إلى قوله تعالى:
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال حسبك الآن،
فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان 5. ومن الفوائد التي ذكرها النووي رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث:
“استحبابُ استماعِ القراءة، والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبُّرِها، واستحبابُ طلبِ القراءةِ من غَيرِه لِيستَمِعَ له،
وهو أبلغُ في التفهم، والتدبر من قراءته بِنَفْسِه، وفيه تَواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم”