حب الأنصار
حب الأنصار | زاد المسافر (27) | مع الشيخ عبد الخالق الشريف
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( آية الإيمان حب الأنصار، و آية النفاق بغض الأنصار ). متفق عليه واللفظ للبخاري،
وفي لفظ مسلم (حب الأنصار آية الإيمان، وبغضهم آية النفاق ).
لقد أثنى الله عز وجل في غير ما آية على المهاجرين والأنصار، وأظهر مكانتهم وفضلهم ودورهم في نصرة النبي عليه الصلاة والسلام وتثبيت ركائز دولة الإسلام،
وإذا مدح الله قوما، فذلك لحبه إياهم وتزكيتهم وتقديمهم على غيرهم ونشر القبول لهم في الأرض.
آية الإيمان: أي علامات كمال إيمان الإنسان أو نفس إيمانه حب مؤمني الأوس والخزرج لحسن وفائهم بما عاهدوا الله عليه من إيواء نبيه
أيضا ونصره على أعدائه زمن الضعف والعسرة وحسن جواره ورسوخ صداقتهم وخلوص مودتهم.
ومعنى الحديث: أي علامته الظاهرة الواضحة محبة الأنصار من أجل محبتهم للرسول – صلى الله عليه وسلم –
ومناصرتهم وتأييدهم له – صلى الله عليه وسلم -، فمن أحبهم لهذا الغرض كان ذلك علامة واضحة، ودليلاً قاطعاً على كمال إيمانه،
لأنه قد أحبهم في الله، ومن أحب في الله وأبغض في الله فقد استكمل الإيمان.
” وآية النفاق بغض الأنصار ” أي وعلامة النفاق بغض الأنصار من أجل مناصرتهم للنبي – صلى الله عليه وسلم -،
فمن أبغضهم لهذا السبب فهو منافق ولا شك، قال الأبي: فمن أبغضهم من هذه الحيثية فهو منافق.
وبغض المنافقين للأنصار إنما هو لنصرتهم النَّبيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لإظهار دينه،
وهذا المعنى لا يختص به الأنصار؛ فإنَّ المهاجرين هم أيضاً أنصار، وقد جمعوا بين الهجرة والنصرة،
ولهذا كانوا أفضلَ من الأنصار، وقد وصفهم الله بهذين الوصفين في قوله:
{ لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ الله وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }.
حب الأنصار
بل إن الأمر أصبح أكبر من ذلك، فهؤلاء الأنصار الذين آووا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ومن معه وآزروهم ونصروهم وبذلوا لهم النفس والنفيس ابتغاء رضوان الله قد أصبح حبهم من العقيدة التي يدين بها المسلم ربه،
وبغضهم وكراهيتهم نفاق.وخص الأنصار بهذه المنقبة العظمى
لما امتازوا به من الفضائل المارة فكان اختصاصهم بها مظنة الحسد الموجب للبغض فوجب التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم
أيضا وأبرز ذلك في هذين التركيبين للحصر لأن المبتدأ والخبر فيهما معرفتان فجعل ذلك آية الإيمان والنفاق على منهج القصر الادعائي
حتى كأنه لا علامة للإيمان إلا حبهم وليس حبهم إلا علامته ولا علامة للنفاق إلا بغضهم وليس بغضهم إلا علامته تنويهاً بعظيم فضلهم وتنبيهاً على كريم فعلهم
أيضا وإن كان من شاركهم في المعنى مشاركاً لهم في الفضل كل بقسطه.
وقال العيني رحمه الله تعالى شارحاً لقوله صلى الله عليه وسلم:
“آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار” المقصود من الحديث الحث على حب الأنصار وبيان فضلهم،
ذلك لما كان منهم من إعزاز الدين وبذل الأموال والأنفس والإيثار على أنفسهم والإيواء والنصر وغير ذلك،
قالوا: وهذا جار في أعيان الصحابة كالخلفاء وبقية العشرة والمهاجرين
بل في كل الصحابة إذ كل واحد منهم له سابقة وسالفة وغناء في الدين وأثر حسن فيه، فحبهم
لذلك المعنى محض الإيمان وبغضهم محض النفاق.
قال ابن رجب: فالأنصار نصروا الله ورسوله فمحبتهم من تمام حب الله ورسوله.