منوعات دعوة

الملك المظفر سيف الدين قطز

الملك المظفر قطز

الملك المظفر سيف الدين قطز ..

إذا كان المشهد الأخير من قصة بطل معركة عين جالوت حزينا مثيرا للشجن والتأمل،

فبينما كان السلطان المظفر سيف الدين قطز في طريقه إلى القاهرة التي كانت تنتظره بالزينات وتستعد لاستقباله بما يليق،

كان القدر يخفي له مؤامرة نفذها شركاؤه في النصر الذين استكثروا عليه أن يرى نشوة النصر في عيون مستقبليه،

ويستشعر عظمة ما صنع لأمّته، فلقي حتفه على يد بيبرس في الصالحية في (16 من ذي القعدة 658هـ = 23 من أكتوبر 1260م.

ويبدو للناظر في حوليات التاريخ التي احتفظت بتفاصيل حياة هذا البطل أنه قد جاء لأداء مهمة عظيمة ومحددة،

فما إن أداها على خير وجه حتى توارى عن مسرح التاريخ بعد أن خطف الأبصار وجذب الانتباه إليه على قِصر دوره التاريخي،

لكنه كان عظيما وباقيا، فاحتل مكانته بين كبار القادة وأصحاب المعارك الكبرى.
تروي المصادر التاريخية أن الاسم الأصلي لسيف الدين قطز هو “محمود بن ممدود”،

وأنه ابن أخت السلطان جلال الدين خوارزم شاه الذي تصدى بعد أبيه لهجمات المغول، وحقق عدة انتصارات عليهم،

واسترد منهم بعض المدن التي استولوا عليها، لكنه لم يجد عونًا من الدولة العباسية، فتركته يصارعهم دون أن تمد إليه يدًا،

حتى نجحت جحافل المغول سنة (628هـ = 1231م) في القضاء على دولته التي كانت تقع في إقليم كرمان الحالي في جنوبي إيران،

ثم لقي حتفه وحيدًا شريدًا على يد أحد الأكراد.

الملك المظفر قطز

كما هيأت الأقدار الطريق لقطز لكي يصل إلى الحكم، فلم يكد يهنأ الملك المعز بالتخلص من غريمه أيبك ويقبض على بعض المماليك البحرية ويجبر بعضهم على الفرار من مصر،

حتى دب صراع بينه وبين زوجته شجرة الدر، انتهى بمقتلهما، وتولى “نور الدين علي بن المعز أيبك” السلطنة،

لكنه كان صبيًا يلهو ولا يصلح لمباشرة الحكم وتحمل المسئولية.

أيضا وأصبحت مقاليد البلاد في يد “سيف الدين قطز” الذي بدأ نجمه في الظهور،

وقام بنشر الأمن في البلاد والقضاء على المحاولات الفاشلة للأيوبيين لاسترداد مصر من أيدي المماليك، فزاد ذلك من قوة إحكامه على البلاد.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة ليقوم قطز بما ادخره له القدر من الشرف العظيم وتخليد اسمه بين كبار القادة والفاتحين،

فكانت الأخبار السيئة تتوالى على القاهرة بسقوط بغداد وقتل الخليفة المستعصم بالله،

وتحرك جحافل المغول نحو الشام التي تساقطت مدنها الكبرى في يد هولاكو.

كما كانت هذه الأنباء تزيد القلق في مصر التي كانت تخشى عاقبة مصير الشام،

ذلك في الوقت الذي كان فيه السلطان الصبي غافلاً،

كما يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة، ويلعب بالحمام مع الخدم!.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى