التعدي على الأصول
التعدي على الأصول | حاوريني (10) مع د سامية جباري
شكلت الأخلاق في الإسلام المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني التي جاء بها
الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل
والأتم. من هنا كانت الاخلاق جوهر رسالة الإسلام،كذلك وقد حدد الرسول صلى االله عليه وسلم
الغرض من بعثته بإتمام الأخلاق حين قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .)
وللأخلاق أثر كبير لم ينكره مصلح أو مجدد،
إذا فهذا “مارتن لوثر” يتحدث عن أثر الأخلاق في الأمم فيقول
“: ما سعادة الأمم بكثرة أموالها ولا بقوة استحكاما ولا بجمال مبانيها، وإنما
سعادتها بأبنائها الذين تثقفت عقولهم، وبرجالها الذين حسنت تربيتهم واستنارت بصائرهم،
واستقامت أخلاقهم، في هؤلاء سعادتها الحقة، وهم قوتها وعظمتها الجوهرية “.
أيضا من هنا جاء اهتمام الأمم يترشيد الأخلاق وتهذيبها وتنمية البواعث والدوافع التي
تحث عليها.
كذلك وقد اهتمت الأديان السماوية قاطبة بهذه الدوافع وكرستها وجاء اهتمام الإسلام
فريدا في منهجه، واقعيا في أساليبه وطرحه .
التعدي على الأصول
أيضا وتظهر أهمية القيم الخلقية في تحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي، يتم فيه احترام القواعد
الأخلاقية السائدة في المجتمع. فإذا ضعف الالتزام الخلقي بين أفراد المجتمع،
كذلك بدأت المتاعب والاضطرابات السلوكية، وبدأ الشك بالقيم والثقافة المحلية كذلك..
حتى يصبح تحقيق الذات وحيازة الاعتراف الاجتماعي متعارضين مع احترام القواعد الأخلاقية السائدة،
وعندها يكون تأثير القيم والضبط الاجتماعي قد ضعفا كثيرا.
إذا من هنا لا يوجد مجتمع بلا ثقافة، ولا مجتمع بدون قيم، فالقيم يتوارثها أفراد المجتمع .
كذلك فالإلزام هو الالتزام من الإنسان في مواجهة البشرية كلها بناء على كونه مكلفا في هذه الحياة،
وله أمانة ورسالة وله حرية الإرادة التي تحكم عمله،
أيضا وتكون مناطا للجزاء الدنيوي والأخروي لذا كان الالتزام الأخلاقي أبرز معالم المسئولية الفردية في الإسلام
وبناء على ذلك فإن الإلزام الخلقي الذي يفرضه الاختيار الأخلاقي يدخل في صميم ممارسة
االإنسان لحريته من حيث كونه عاقلاً مسؤولاً
وهذا يعني أن الاختيار الأخلاقي ينطوي على الحرية بمفهومها الأخلاقي من جهة،
ومن جهة أخرى على الإلزام بوصفه الداعم لحرية الإنسان وتوازن شخصيته ويقف الضمير وراء هاتين الجهتين كضمانة داخلية تقي من الإنحراف