موسى في مدين
موسى في مدين | كليم الله (16) مع د علي الصلابي
خرج سيدنا موسى عليه السلام من أرض مصر يريد النجاة من كيد فرعون وجنوده، ولم يكن خروجه جبنا لأن الأنبياء يستحيل عليهم الجبن،
وتوجه عليه السلام إلى مدين ماشيا على قدميه بغير زاد ولا دابة يركبها فكان يأكل ورق الشجر،
ومدين هي المدينة التي أهلك الله تعالى فيها قوم نبيّه شعيب، وبقي يمشي مسيرة ثمانية أيام حتى وصل إلى مدين وقد أثر به الجوع والتعب،
فجلس تحت ظل شجرة فأبصر امرأتين وكانتا أختين ترعيان الأغنام وتريدان سقي أغنامهما من بئر كبيرة،
أيضا كان الرعاة يسقون مواشيهم منها وكانت هاتان الأختان تحبسان غنمهما لئلا يختلط بغنم الآخرين،
لذلك أشفق موسى عليه السلام عليهما فسألهما عن سبب تعهدهما لرعاية الغنم بأنفسهما،
فأخبرتاه بأن أباهما شيخ كبير وليس عنده من الأولاد الذكور من يرعى له هذه الأغنام،
أيضا وكان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وهو البئر وجد عليه جماعة من الرعاة
يسقون أغنامهم منه فلما فرغوا أعادوا صخرة كبيرة عليه، وكانت هذه الصخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة رجال،
موسى في مدين
فلما حدثت هاتان الأختان خبرهما لموسى عليه السلام تقدم نحو الصخرة الكبيرة الموضوعة على فم البئر فرفعها وحده
ثم استقى منها الماء وسقى لهاتين المرأتين غنمهما ورد الحجر مكانه،
فلما فرغ من ذلك انصرف إلى ظل شجرة وجلس تحتها يدعو الله تعالى ويشكره،
يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن نبيه موسى عليه السلام عندما خرج إلى مدينة مدين:
﴿وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ *
وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ *
فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [سورة القصص 22-24].
بعد أن سقى موسى عليه السلام غنم المرأتين رجعتا إلى أبيهما نبي الله شعيب عليه السلام مسرعتين وأخبرتاه بخبر موسى عليه السلام،
وكيف سقى لهما غنمهما وأخبرتاه بقوته، وطلبتا منه أن يكرمه على هذا الصنيع الحسن معهما،
فسر شعيب عليه السلام لحسن صنيع موسى وبعث إحدى ابنتيه هاتين لدعوته إليه،
فجاءت إلى موسى عليه السلام تمشي على استحياء ووقار وحشمة
وطلبت منه أن يذهب معها إلى أبيها ليجزيه على عظيم صنعه معها ومع أختها وعلى سقيه غنمهما