النفس المطمئنة
ومضات نفسية (6) مع د شادي ظاظا
كلنا يحفظ قوله تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيةً مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}
أيضا ويتمنى أن يكون من أصحاب النفوس المطمئنة..
ولكن يا ترى ما هي النفس المطمئنة هذه؟ وما صفة أصحابها؟
قال البخاري – رحمه الله -: “المطمئنة المصدقة بالثواب”،وقال الحسن: إذا أراد الله – عز وجل – قبضها اطمأنت إلى الله،
واطمأن الله إليها ورضيت عن الله ورضي الله عنها، فأمر بقبض روحها، وأدخله الله الجنة وجعله من عباده الصالحين..2
وقال ابن كثير وهو يصف هذه النفس ويعرفها بقوله: فأما النفس الزكية المطمئنة وهي الساكنة الثابتة الدائرة مع الحق فيقال لها:
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك) أي إلى جواره وثوابه،
وما أعد لعباده في جنته (راضية) أي في نفسها (مرضية) أي قد رضيت وعد الله ورضي عنها وأرضاها..
(فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) وهذا يقال لها عند الاحتضار وفي يوم القيامة أيضاً؛
النفس المطمئنة
كما أن الملائكة يبشرون المؤمن عند احتضاره وعند قيامه من قبره، فكذلك هنا.
وقال الثعالبي المالكي: ولما تكلم ابن عطاء الله في مراعاة أحوال النفس،
قال: رب صاحب ورد عطله عن ورده والحضور فيه مع ربه هم التدبير في المعيشة وغيرها من مصالح النفس،
وأنواع وساوس الشيطان في التدبير لا تنحصر، ومتى أعطاك الله سبحانه الفهم عنه عرَّفك كيف تصنع،
فأي عبد توفر عقله واتسع نوره نزلت عليه السكينة من ربه فسكنت نفسه عن الاضطراب،
وثقت بولي الأسباب، فكانت مطمئنة أي: خامدة ساكنة مستسلمة لأحكام الله، ثابتة لأقداره،
وممدودة بتأييده وأنواره فاطمأنت لمولاها لعلمها بأنه يراها فاستحقت أن يقال لها: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي .. الآية)،
وفي الآية خصائص عظيمة لها منها: ترفيع شأنها بتكنيتها ومدحها بالطمأنينة ثناء منه سبحانه عليها بالاستسلام إليه والتوكل عليه،
كما أن المطمئن: المنخفض من الأرض، فلما انخفضت بتواضعها وانكسارها، أثنى عليها مولاها..
أيضا وقال القرطبي وهو يحكي جملة من أقوال المفسرين في تفسيرها : قوله تعالى:
(يا أيتها النفس المطمئنة) لما ذكر حال من كانت همته الدنيا فاتهم الله في إغنائه وإفقاره ذكر حال من اطمأنت نفسه إلى الله – تعالى-،
فسلم لأمره واتكل عليه.وقيل: هو من قول الملائكة لأولياء الله – عز وجل -.
هي الساكنة الموقنة؛ أيقنت أن الله ربها، فأخبتت لذلك. قاله مجاهد وغيره.
كذلك وقال ابن عباس: أي المطمئنة بثواب الله، وعنه المؤمنة. وقال مقاتل: الآمنة من عذاب الله،
أيضا وقيل: التي عملت على يقين بما وعد الله في كتابه، وقال: ابن كيسان: المطمئنة هنا المخلصة. وقيل المطمئنة بذكر الله