فقهيسألونك

يسألونك موسم رمضان (23)

يسألونك موسم رمضان (23)

شرع الله سبحانه العقوبات في الإسلام صوناً للمجتمع من التدهور والفساد،

وحماية لحقوق الأفراد من التعدي والتسلط. ومن العقوبات التي شرعها سبحانه مراعاة لهذا المقصد عقوبة السرقة،

وهي عقوبة القصدُ منها أساساً حفظ المال، والمال عزيز على بني الإنسان.

ولأجل تحقيق هذا المقصد جاء قوله سبحانه:

{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم} (المائدة:38)

نخصص هذه السطور للوقوف على أهم الأحكام المستفادة من هذه الآية، وذلك من خلال المسائل التالية:

المسألة الأولى: أوجب سبحانه علينا في هذه الآية قطع يد السارق والسارقة، وأطلق ذلك في جميع الأحوال والصفات.

وقد اتفق أهل العلم على وجوب قطعهما، واتفقوا على تخصيص هذا الإطلاق والعموم ببعض الأحوال، كذلك واشترطوا أشياء تعارض هذا العموم؛

منها: ما إذا سرق ما له فيه شبهة؛ كالغانم إذا سرق من الغنيمة قبل القسمة، وكالأب إذا سرق مال ابنه؛

أيضا لما روي عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (ادرؤوا الحدود بالشبهات) رواه الترمذي. ومنها النصاب والحِرْز، وتفصيلها تالياً.

المسألة الثانية: مذهب جمهور أهل العلم أن حد السرقة لا يقام إلا إذا بلغ المسروق نصاباً،

كذلك ولم يعتبر أهل الظاهر هذا الشرط، وأوجبوا القطع في القليل والكثير.

يسألونك موسم رمضان (23)

كما اختلف الجمهور الموجبون للنصاب في مقداره، والمشهور من أقوالهم ثلاثة:

أحدها: أن النصاب ربع دينار فقط للدراهم ولسائر الأشياء، فلا تُقطع يد السارق في الثلاثة الدراهم إلا أن تساوي ربع دينار،

وهو قول جمهور الصحابة وإليه ذهب الشافعي.

أيضا والثاني: أنه ثلاثة دراهم من الفضة، أو ربع دينار من الذهب، أو ما يساوي ثلاثة دراهم من سائر الأشياء، وهو قول مالك وأحمد.

كذلك والثالث: أنه عشرة دراهم، وأنها أصل لسائر الأشياء، فلا قَطْعَ فيما دون ذلك، وهو قول أبي حنيفة.

المسألة الثالثة: مذهب جمهور أهل العلم أن حد السرقة لا يقام إلا إذا سرق المسروق من حِرْز،

ولم يشترط الظاهرية ذلك. و(الحِرْز) هو ما نصب عادة لحفظ أموال الناس، كالدور، والخيم، والفسطاط، التي يسكنها الناس،

كما يحفظون أمتعتهم بها، وقد يكون الحِرْز بالحافظ الذي يجلس ليحفظ متاعه،

وهو يختلف في كل شي بحسب حاله. قال ابن المنذر: “ليس في هذا الباب خبر ثابت لا مقال فيه لأهل العلم،

وإنما ذلك كالإجماع من أهل العلم”. وقال ابن العربي: “والأُمَّة متفقة على اعتبار الحِرْز في القطع في السرقة؛

لاقتضاء لفظها، ولم أعلم من ترك اعتباره من العلماء، ولا تَحَصَّلَ لي من يهمله من الفقهاء”.

واختلف الجمهور فيما يكون حِرْزاً، وما لا يكون وبتفصيل ذلك في كتب الفقه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى