يسألونك الموسم11 الحلقة الاولي
لقد تحدَّث الكثيرون عن الجهاد، فأساؤوا فَهمه، ولم يعرفوا حقيقته وأبعاده، ولا أهدافه ومراميه، وضاعت الحقيقة في زحام القيل والقال،
وأساء الكثيرون إلى الإسلام وإلى الأمة، وإلى الحضارة والتراث والتاريخ، والمشكل في كثير من قضايانا العلمية والفكرية:
أن بعضا من علمائنا ودعاتنا يتبنون أحد الآراء في المسألة، وربما كان الرأي المشهور،
كما يعتبرونه هو الإسلام، ويجعلون دفاعهم عنه دفاعا عن الإسلام ذاته، ويعدُّون مخالفيهم فيه كأنهم هم خصوم الإسلام،
أيضا ويصوِّبون إليهم سهام الطعن والتجريح المسمومة. والحق أنها وِجهات نظر لا أكثر،
فلا يجوز أن يتحول البحث فيها إلى معركة يدور فيها القتال، ويقع فيها الفريقان أسرى وجرحى وقتلى
أول من يحتاج إلى هذه الدراسة هم: علماء الشرع، ورجال الفقه،
ذلك لأن أكثرهم كوَّنوا في رؤوسهم مفاهيم رسخت، وثقافة توورثت: أن الجهاد فرض كفاية على الأمة،
وأن من هذا الفرض غزو بلاد الكفار كلَّ سنة مرَّة على الأقلِّ، وإن لم يظهر منهم شيء ضدَّنا، بل مدُّوا إلينا يد المصالحة والمسالمة.
يسألونك الموسم11 الحلقة الاولي
أيضا وإن كان هذا الرأي يعارض آيات كثيرة صريحة في القرآن، ولكن هذه الآيات – كما أشرنا من قبل – بطل مفعولها في نظرهم، لأنها منسوخة!!
كذلك وهناك كثير مما كتبه الفقهاء إنما يعبِّر عن زمنه وبيئته، ولا يسنده قرآن ولا سنة صحيحة،
مثل عدم بناء الكنائس لأهل الذمَّة أو ترميمها، ومثل تمييزهم بملابس خاصَّة، ونحو ذلك،
وهذا كلُّه لا يلزم الفقيه المعاصر؛ إنما الذي يلزمه محكمات القرآن والسنة،
وما أجمعت عليه الأمة بيقين، إجماعا لا يستند إلى مجرد مصلحة ظرفية يتغيَّر الحكم بتغيُّرها.
إننا بهذه الدراسة: نقدِّم لهؤلاء الشرعيين فقها جديدا أصيلا، يستمدُّ أصالته من كتاب الله،
أيضا ومن صحيح سنة رسول الله، ومن تراث هذه الأمة. كما يستمدُّ جدَّته من التفاعل مع هذا العصر، وقراءة الواقع المعيش،
كذلك وما في عالمنا من إنجازات هائلة، ومن انحرافات هائلة كذلك. والفقه الحقيقي أو الاجتهاد الحقيقي:
إنما هو تفاعل بين النصِّ الشرعي والواقعة المعروضة، وعقل الفقيه، الذي يتأثَّر قطعا بزمانه ومكانه وعالمه.