ميلاد قلب (2)
ميلاد قلب (2) مع الداعية محمد عبدالحفيظ
أسفار الدنيا تقطع بسير الجوارح , لكن أسفار الآخرة لا يكفيها سير الجوارح بل لابد وأن يتقدمها سير القلوب إلى ربها وخالقها ,
فلا يعتقد مؤمن أنه سيره إلى الله بجوارحه فقط عند التزامه الطاعات وابتعاده عن المنكرات سيوصله إليه سبحانه ,
بل أن السير الأول والاهم والأكثر خطورة والأعظم أثرا هو سير القلب .
فالقلب محل نظر الله عز وجل , وهو أساس قبول وتفاضل الأعمال , فالله عز وجل لا يقبل في الآخرة إلا القلب السليم فقال سبحانه
” يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ “ , ويروي مسلم عَنْ أَبِي هرَيْرَةَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ” .
ويتقبل الله العمل القليل من القلب المنيب ويثيب عليه الأجر الجزيل , ولا يقبل العمل الكبير من قلب غير مخبت لربه , فكما قال ربنا سبحانه
” قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ” ,
ميلاد قلب (2)
فالله غني عن صدقة من يتصدق بها ثم يمن على عباد الله بفساد في قلبه .
كذلك ولهذا فكل سير بالجوارح لا يتقدمه ولا يصاحبه سير القلب لله لا قيمة له ولا أثر ولا يرفع العبد عند ربه ,
أيضا بل قد يكون وبالا على صاحبه وقد يكون سببا في هلاكه إن افتقر ذلك العمل للإخلاص لله في قلب العبد , كما يروي مسلم في صحيحه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال
: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم ،
وكل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ، ورجل قتل في سبيل الله ، ورجل كثير المال .
فيقول الله للقارئ : ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ قال : بلى ، يارب . فقال : فماذا عملت فيما علمت ؟ قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار ،
أيضا فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ،كذلك ويقول الله له : بل أردت أن يقال فلان قارئ . وقد قيل ذلك .
كذلك ويؤتى بصاحب المال . فيقول الله : ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج لأحد . قال : بلى ، يارب قال : فماذا عملت فيما آتيتك ؟
قال : كنت أصل الرحم وأتصدق . كذلك قال : كذبت ، وتقول له الملائكة : كذبت . ويقول الله : بل أردت ان يقال : فلان جواد . فقد قيل ذلك