التزكيةلنثبت به فؤادك

لنثبت به فؤادك (26)

لنثبت به فؤادك (26)

ترد كلمة “خليفة” في الاستعمال القرآني بالمفهوم الحياتي البنائي الشامل، فمهمة الإنسان عمارة الأرض، ولهذا خلق،

قال الله تعالى: ﴿هوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ [سورة هود: 61].

قال الله سبحانه وتعالى في سياق الكلام عن خليفته في هذه الأرض:

{إنِّيْ جَاْعِلٌ فِيْ الأَرْضِ خَلِيفَةً} [سورة البقرة: 30]، 

ظن الملائكة بأنفسهم أنهم أهلاً للخلافة بالتسبيح والتقديس، فكشف الله لهم أن المهمة لا تتم بمجرد هذا؛

هي مهمة البناء، والكدح، والأعباء، مهمة لا يقوم بها إلا من كان مخلوقاً من الأرض، المهمة منوطة بمن أصله الطين والتراب والماء،

الخلافة في الأرض هي عبادة آدم: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [سورة الذاريات: 56]؛

كذلك فالصلاة والذكر وإصلاح الأرض والضرب فيها وكشف أسرارها أعمال صالحة تتعاضد وتتكامل.

والخلافة لا تكون إلا حين يكون هذا الكائن يخلف بعضه بعضاً في عبادة تراكمية اختيارية،

أيضا تقوم على تلك الأمانة العجيبة التي أبت السماوات والأرض والجبال حملها فحملها الإنسان

﴿إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾ [سورة الأحزاب: 72].

والخلافة تقوم على حرية إرادة هذا الكائن وحرية اختياره؛

﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [سورة البلد: 10].

لنثبت به فؤادك (26)

كما أن الخلافة والاستعمار في الأرض تجعل الكشف والبناء والعلم والاختراع لخدمة الإنسانية مهمة ربانية وليست أمراً هامشياً أو ثانوياً.

إن الإنسان خُلق ليستخلف وليس ليكون نسخة أخرى من الملائكة.

كذلك والاستخلاف هو عمارة الأرض بحسب نظام الله، والتسبيح والذكر عونٌ ومددٌ لإنجاز المهمة والصبر على تبعاتها وتكاليفها ومشقاتها،

أيضا والصلة بالله هي للأمل والحب والتسامح والنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة.

وليست الخلافة مهمة سياسية فحسب، بل هي تكليف معرفي وإنساني واسع.

(سلمان العودة، علمني أبي مع آدم من الطين إلى الطين، ص 94).

الله حاضر لا يغيب، وفي حديث السفر: (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل).

كذلك وليس المقصود بالخليفة شخص آدم فقط، بل المقصود به نوع الإنسان عامة،

إذا فالآية جاءت في معرض الإخبار بخلق نوع جديد وليست في معرض البيان لأحوال خاصة بشخص آدم.

كما إن هذه الخلافة في الأرض تتطلب تنفيذ مراد الله في إقامة الحياة على الأرض،

إذ من معاني الاستخلاف التكليف بتنفيذ الأوامر التي تصب في تعمير الأرض وتحقق عبودية الله عز وجل،

أيضا والاستخلاف في هذا المقام هو استخلاف تشريف للخليفة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى