ثوابت التغيير (8)
ثوابت التغيير (8) مع أشرف الشربيني
إن تكامل الشخصية النبوية لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم جعلت منه الحاكم والقائد والزوج والمعلم والداعية والمربي..
كذلك وما تتبع قارئ للقرآن الكريم والسيرة النبوية إلا وجد فيهما عناصر التفوق ووسائل النجاح .. ذلك من خلال الكثير من المواقف التربوية الراقية التي هي القدوة الحسنة لكل راغب في الوصول إلى الحق .
أيضا وعن طريق هذا المنهج ينشأ الإنسان الصالح ومن ثم المجتمع الإسلامي الكريم .
كذلك وهنا نماذج وصوراً من ((المنهج التربوي النبوي)) ، نقربها تذكيراً وترغيباً في هذا المنهج المتكامل الذي أرسل الله به نبيه للناس كافة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 107] .
مفهوم التربية :
كما قال الراغب الأصفهاني: (الرَّبُّ في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام). وجاء في القاموس المنجد: (ربَّ ربَّاً القومَ ـ ساسهم وكان فوقهم)، (ربَّ ربَّاً الأمرَ ـ أصلحه).
ثوابت التغيير (8)
أيضا فعلى ذلك تكون التربية هي عملية إعداد، وتنشئة، وتوجيه، وإصلاح، وقيادة للإنسان في مختلف مراحل حياته وأبعاد كيانه… كذلك وخصوصاً في المرحلة التي يحتاج فيها الانسان إلى عملية التنمية والتوجيه والإعداد والإصلاح..
وبذا تكون التربية عبارة عن: (عملية بناء وتوجيه الانسان، والوصول به إلى مرحلة النضج والكمال). ولهذه الغاية جاءت الرسالات والشرائع الالهية.. أيضا وتتابع الرسل والأنبياء(ع).. جاؤوا لتربية الانسان وبنائه بناءً روحياً، وفكرياً، وسلوكياً، وجسدياً متوازناً وسليماً يمكنّه من أداء رسالته والتعبير عن إنسانيته.
إذا كم نحن بحاجة للوقوف أمام هذه المعالم النبوية وتمثلها في حياتنا وسلوكنا ؛ إذ هي السر في تميز الرعيل الأول رضي الله عنهم أجمعين .
1- الصبر وطول النفس :
كما يسهل على الإنسان أن يتعامل مع الآلة الصماء ، ويستطيع الباحث أن يصبر ويكافح في دراسة هذه الظاهرة المادية أو تلك ، لكن التعامل مع الإنسان له شأن آخر وبعد آخر ؛ ذلك أن الناس بشر ، لا يحكم تصرفاتهم ومواقفهم قانون مطرد ؛ فتراه تارة هنا وتارة هناك ، تارة يرضى وتارة يسخط ..
ومن يتأمل سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- يرى كيف صبر وعانى حتى ربى هذا الجيل المبارك ، وكم فترة من الزمن قضاها ؟ وكم هي المواقف التي واجهها ؟ ومع ذلك صبر واحتسب، وكان طويل النفس بعيد النظر، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
فقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يربي أصحابه، ويروّضهم على العمل والتطبيق كلما اُلقي إليه شيء من القرآن الكريم. فقد روى عثمان بن مظعون وابن مسعود واُبيّ: (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يُقرِئُهم العشر(3)، فلا يجاوزونها إلى عشر أُخرى حتى يعلموا ما فيها من العمل فيعلمهم القرآن والعمل جميعاً)
2 – الخطاب الخاص :
فكما كان يوجه الخطاب لعامة أصحابه ، فقد كان يعتني بالخطاب الخاص لفئات خاصة من أصحابه .
– فقد كان من هديه حين يصلي العيد أن يتجه إلى النساء ويخطب فيهن ، كما روى ذلك ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبل ولا بعد ، ثم مال على النساء ومعه بلال فوعظهن وأمرهن أن يتصدقن ، فجعلت المرأة تلقي القُلْب والخُرْص