يوسف الصديق
برنامج يتحدث عن قصة سيدنا يوسف عليه السلام ومحطات من حياته وابتلاءاته وتمكينه.
عرفنا أنها من أعجبِ القصص، وقد ذكرها الله جميعاً متصلة، وأفردها بسورةٍ مطولةٍ مفصلةٍ تفصيلاً واضحاً، ساقَ فيها سبحانه وتعالى حَالةَ يُوسفَ من ابتداءِ أمرهِ إلى آخرهِ، وما بين ذلكَ من التنقلاتِ واختلافِ الأحوالِ وقال فيها: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي يوسفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴾ [يوسف: 7]، وقد اشتملت هذه القصة على جملة من الفوائد والعظات نذكر طرفاً منها، فنقول:
1- أن هذهِ
القصة من أحسنِ القصصِ وأوضحها لما فيها من أنواع التنقلات من حالٍ إلى حال، ومن محنةٍ إلى محنة، ومن محنةٍ إلى منّحة ومنَّة، ومن ذلٍ إلى عزٍ، ومن أمنٍ إلى خوفٍ، ومن ملكٍ إلى رقٍ، ومن فرَّقةٍ وشتاتٍ إلى اجتماعٍ وانضمامٍ، ومن سرورٍ إلى حزنٍ، ومن رَخاءٍ إلى جدبٍ، ومن ضِيقٍ إلى سَعه.
2- ما فيها من أصولِ تعبيرِ الرؤيا المناسبةِ، وأن عِلمَ التَّعبير عِلمٌ مهمٌ يَهبه اللهُ لمن شَاءَ من عِبادهِ، وهو دَاخلٌ في الفَتوى، فينبغي لمن لا يحسن الخَوضَ في بَحرهِ ألا يلجَ فيهِ لئلا يَنْدمَ على ذلك.
3- حَيثُ قصَّ الله ما فيها من الأدلة والبراهين على نبوة نبينا محمد عليه هذهِ القصة الكاملة الواقعة وهو لم يقرأ كتب الأولين، بَلْ هو أميٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وصدق الله: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ [يوسف: 102].
4 - ينبغي للعبدِ البعدُ عن أسبابِ الشرِّ وكِتمان ما يخشى مضرته، وقد وجه يعقوبُ فلذة كبدهِ بذلك قَائلا:ً ﴿ لا تَقْصُصْ رؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً ﴾ [يوسف: 5].
يوسف الصديق
5 - النعم الكبيرة الدينية و الدنيوية لابد أن يتقدمها أسبابٌ ووسائلٌ إليها لأن الله حكيمٌ ولَهُ سننٌ لا تتبدلْ ولا تتغير، قَضى سبحانَه بأنَّ المطالبَ العاليةَ لا تنالُ إلا بالأسبابِ النافعةِ خصوصاً العُلوم النافعة وما يتفرع عنها ولهذا قال: ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ﴾ [يوسف: 6].
6- العدل مطلوبٌ في جميعِ الأمور الصغار والكبار ومن ذلكَ معاملةَ الوالدينِ للأولادِ فلابدَ من التَّسوية بينهم، وعدم إيثار بعضهم على بعض، ومتى حصل ذلك اختلَّ نظامُ الأسرة ووقع ما يكدر الصفو ويعكر طعم الحياة، وهذا ما حصل ليعقوب - عليه السلام -.
7- الحذرَ من شؤْم الذُنوب فكم من ذنبٍ واحدٍ اسْتَتَّبع ذنوباً كثيرة، وهذه حالُ إخوة يوسف - عليه السلام - لما أرادوا التفريقَ بينهُ وبين أبيهِ.. وهذا ذنبٌ عظيمٌ ترتبَ عليهِ ذنوبٌ كثيرةٌ من الكذبِ ورمي يوسف.. وهكذا الطاعة تتبعها في الغالبِ الطاعة .. وهذا دليلٌ على بركةِ الطاعةِ وشؤمُ المعصيةِ.
8- العبرة بالنهايةِ لا بالبداية .. وهكذا كانَّ أمر إخوة يوسف .. حيث تَابُوا واسْتغفروا وسَمحَ لهم يعقوب ويوسف.. وإذا سمح العبد فاللهُ أولى بذلكَ .. كذلك وهو خير الراحمين.
9-أيضا أنَّ بعضَ الشرِّ أهون من بعضٍ.. فرمي يوسف في البئرِ أهون من قَتلهِ.. ولهذا أَخذَ الإخوةُ بهذا الرأي .. وكان من تدبير الله ليتحققَ ليوسف ما كتب الله له.
10- كذلك الحذر من الخلوةِ بالنساءِ الأجنبياتِ.. وخصوصاً اللاتي يخشى منهنَّ الفتنة.. هذا وقد جرى ما جرى ليوسف.. بسببِ الخلوة .. لكنَّ الله عصمه.. إذا فليخشى أولئكَ الذين يتعرضون للخلوة بالنساءِ .. كذلك في أماكنِ التطبيبِ والتمريضِ.. أيضا وفي البيوت.. خصوصاً مع الخادماتِ والمربياتِ فذلكَ باب شرٍّ عظيمٍ.
لا توجد توصيات بعد.