لنثبت به فؤادك (2)
اليقين أعلى منازل عبادات القلوب، وعليه مدارها، وهو بمنزلة الروح لأعمال القلوب التي هي أرواح لأعمال الجوارح.[ابن القيم]
اليقين وعبادات القلب
واليقين من أهم الأعمال التي تؤثر في القلب وتزكيه، وتنمي وتقوي أعمال القلوب الأخرى،
قال ابن القيم: “اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد،
وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان،
وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر،
وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين،
وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم” [مدارج السالكين:2/397]
فالقلب الموقن بالله محب له خائف منه راج له راض بحكمه صابر على قضائه متوكل عليه مخلص له،
أما الذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون وتتردد قلوبهم في أعمالها وتضرب وتموج،
فبوابة صلاح أعمال القلوب صلاح القلب باليقين وطرد الشك والظن والهوى من القلب،
إذ اليقين أصل صلاح أعمال القلوب والشك أصل فساد أعمال القلوب.
لنثبت به فؤادك (2)
كيف يؤثر اليقين في القلب؟
بما أن اليقين هو جوهر وأساس الإيمان فهو يؤثر في كل الأعمال القلبية بدون استثناء، وما سنذكره مجرد مثال على ذلك:
- من أيقن بالله توكل عليه بلا شك لِأنه موقن أن الله هو وحده المدبر القادر وأن لا يكون شيء في الكون إلا بقضائه.
- أيضا من أيقن بالله الأحد أخلص له بلا شك لعلمه ويقينة أن لا إله مستحق للعبادة إلا هو سبحانه.
- كذلك من أيقن بالله وجماله وجلاله أحبه وحده ولم يحب أحداً إلا في الله، ومن أحب غيره عذب به.
- ذلك من أيقن بوعد الله ووعيده وبأنه الغفور الرحيم وبأنه شديد العقاب خافه ورجاه وحده لا شريك.
- من أيقن أن الله هو الرزاق وحده وأن الرزق منه وحده لم يتعلق قلبه بمال أو دنيا وتعلق برازقها، وأنفق وهو لا يخش الفقر.
- من أيقن أن الله سميع قريب مجيب دعاه وتضرع إليه في كل وقت وفي كل حاجاته، تضرعاً وخفية فهو موقن أن ربه قريب يسمعه ويجيبه.
- كما أنه من أيقن أن الله قوي ذو انتقام لم يأمن مكر الله به وخافه وعبده.
- كذلك من أيقن أن الله كريم جواد وهاب لم يقنط من رحمة الله وتعلق قلبه بالله وكرمه طلباً لعطايا الله في أمور دنياه أو أخراه