زاد المهاجر (12)
زاد المهاجر (12) مع الشيخ طه عامر
موقع الدين في المجتمعات الغربية
تروج في العالم الإسلاميّ اليوم مطالب بضرورة إصلاح دينيّ أو ثورة دينية…
فقد ظهرت تنظيمات سياسية تتقوى بالدين، وزادت المطالب بتجديد الخطاب الديني.
لنر ما جرى في دول أخرى على أمل أن تساعدنا المقارنة على فهم ما يجري بين المحيط والخليج.
إذا فكيف ينظر الغرب إلى الدين؟ ما تحولات موقع الدين في المجتمعات الغربية؟
رفع الغرب، منذ نهضته، شعار العلمانية. ويوحي ذلك للكثيرين في العالم الإسلامي بأن الدين خرج من الحياة السياسية والاجتماعية في الدول الغربية.
أيضا وهذا خطأ ناتج عن شيطنة العلمانية. ويأتي كتاب “الأديان العامة في العالم الحديث” لخوسيه كازانوفا –
الصادر عن جامعة شيكاغو والمعرّب من لدن المنظمة العربية للترجمة – ليدرس الموضوع من زاوية سيوسيولوجية.
يتتبع قضايا دينية اكتسبت أهمية عامة وسياسية. كتاب يتمحور حول التجربة الغربية؛ لكن يمكن أن يضيء تجربة العالم الإسلامي.
لقد عملت الأنظمة السياسية طويلا على مماهاة النظام الاجتماعي مع مملكة الله ص 274.
أي أن يقول النظام السياسي إنه في خدمة الله. ويمول عمل رجال الدين للإشراف على رعاية رفاه نفوس الأفراد.
ويقول الحاكم إنه سيمكّن لدين الله في الأرض ويسحق خصومه بهذا التبرير. وهنا، وقع تغير كبير مس موقع الدين في المجتمع
ذلك حين “أضحت وسائل فرض وحدة الإيمان باهظة جدا منذ تحول عدم الالتزام الديني إلى معارضة سياسية”.
لذا، سخر الفلاسفة الغربيون من رجال الدين الظلاميين، وكان الحل الأول لهذا هو “لكل إقليم دينه”، ومن هذا التعدد ولد التسامح والحرية الدينية
زاد المهاجر (12)
لقد فتحت البروتستانتية الباب للحداثة. ويتمثل محركا الحداثة في السوق الرأسمالية والدولة الإدارية.
تعمل الدولة على العلمنة من الأعلى للسيطرة على المجال الديني.
كذلك تمارس الرقابة على المناظرات العامة… بينما يؤدي تغلغل الرأسمالية في المجال الديني لتجعله يخضع لمنطق التسليع،
لذا ترتفع اتهامات استخدام الدين لأغراض متباينة…
تحتضن السوق الدينية المذاهب المتنافسة بحرية فتصير المذاهب اختيارية.
هكذا، تغيرت النظرة إلى الدين ودوره في المجتمعات الغربية.
أيضا لقد كان المنظور الرسمي الذي رأت من خلاله مجتمعات القرون الوسطى نفسها منظورا دينيا مكن البابا من تعيين الملوك وعزلهم.
كذلك وقد بدأت العلمنة حين بدأ المنظور “الزمني” يشكل نظرة المجتمعات إلى نفسها، خاصة في عصر النهضة الأوروبية.
وحينها استقلت النطاقات الزمنية بقيمها ونظرتها لنفسها، وسمي ذلك علمنة مع الانتقال إلى الحداثة.