ميلاد قلب (11)
ميلاد قلب (11) مع الداعية محمد عبدالحفيظ
فمحبة الله تعالى فرع لمعرفته، فلا يمكن أن نحب الله عز وجل دون أن نعرفه،
كما لا يمكن أن نعرفه معرفة حقة ثم لا نحبه، لذلك ينبغي أن تكون بداية السائل هي التعرف على الله تعالى،
ولا سبيل إلى معرفته عز وجل أقصر ولا أيسر، ولا أنفع ولا أرفع، من التعرف عليه من خلال كلامه سبحانه،
أعني القرآن العظيم، فمن تدبر كتاب الله، وتفهم ما فيه من أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، وأفعاله المثلى
-أحبه ولا شك-؛ فإن محبة الشيء إنما تكون لكماله في ذاته، وكماله في أفعاله،
والله تعالى له الكمال المطلق في ذاته وأفعاله، فمن كمال ذاته كمال علمه وقدرته، وحكمته وعزته، وغناه وعظمته، إلى غير ذلك من صفات ذاته،
أيضا ومن كمال أفعاله كمال عفوه ورحمته، وبره وإحسانه، وقهره وانتقامه، إلى غير ذلك من صفات أفعاله…
وفهم هذه المعاني يحتاج لمدارسة لأسماء الله وصفاته، وهذا من مفاتيح الإيمان الضرورية لمعرفة الله تعالى.
ميلاد قلب (11)
قال ابن القيم رحمه الله في «مدارج السالكين» فصل في الأسباب الجالبة للمحبة والموجبة لها وهي عشرة:
1- قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به، كتدبر الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه، ليتفهم مراد صاحبه منه.
2- التقرب الى الله بالنوافل بعد الفرائض فإنها توصله الى درجة المحبوبية بعد المحبة.
3- أيضا دوام ذكر الله على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من هذا الذكر.
4- إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى، والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
5- مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة ومباديها،
لذلك فمن عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله احبه لا محالة،
ولهذا كانت المعطلة والفرعونية والجهمية قطاع الطريق على القلوب بينها وبين الوصول الى المحبوب.
6- مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية الى محبته.
7- كذلك ومن أعجبها، انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن هذا المعنى غير الاسماء والعبارات.
8- الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه،
أيضا ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
9- مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط اطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى اطايب الثمر،
أيضا ولا تتكلم الا اذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت ان فيه مزيدا لحالك ومنفعة لغيرك.
10- كذلك مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عزّ وجلّ.