الدولةالفكرثوابت التغيير

ثوابت التغيير (5) مع أشرف الشربيني

ثوابت التغيير (5)

ثوابت التغيير (5) مع أشرف الشربيني

المرحلية والتدرج في دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأسوة قد بعث والأصنام من حول الكعبة تحيط بها وتعلوها، ثم لم يقبل على إزالتها إلا يوم فتح مكة في السنة الثامنة.. أي بعد بعثته بواحد وعشرين عامًا .. ذلك لتقديره صلى الله عليه وسلم أنه لو قام بتحطيمها في أول يوم قبل أن تحطَّم في داخل النفوس .. لأقبلوا على تشييدها وزخرفتها بصورة أعظم وأشنع.. كذلك وعندها يتفاقم الأمر، ويعظم الضرر، ولذا تركها صلى الله عليه وسلم وأقبل يعد الرجال، ويزكي النفوس، ويطهر القلوب.. أيضا حتى إذا ما تم له ذلك أقبل بتلك القلوب ليفتح بها مكة، ويزيل الأصنام، فكان ما أراد: {وَقلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:٨١].

لكل شيء في الحياة وقته وغاية المستعجلين فوته

كذلك وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بما ترويه عائشة أنه لولا أن قومها حديثو عهد بكفر لنقض الكعبة، وأعادها على قواعد إبراهيم، وهذا هو الثِّقب حقًّا؛ أعني: رفض المنكر بالقلب، ومقاطعته خوفًا من أن يؤدي إلى منكر أكبر، مع البحث عن سبل التغيير، والعزم على أنه حين تتاح الفرصة لتغييره، فلن يكون هناك تباطؤ أو توانٍ.

فكن أسداً في جسمه روح ضيغم وكم أسد أرواحهن كلاب

يمنع الليث حماه أن يرى فيه كلبًا عاديًا إن زأرا

ثوابت التغيير (5)

ليعد الواحد منا نفسه ما دامت الظروف غير ملائمة، والفرص غير مواتية، والعواقب غير محمودة، والمقدمات قاصرة، حتى إذا ما لاءم الظرف كان حاله كحال القائل يوم قال:

أنا أبو طلحة واسمي زيد وكل يوم في سلاحي صيد

تعلم المرحلية من شجرة الصنوبر

ثم انظر وتأمل واعتبر، هاهي شجرة الصنوبر تثمر بعد ثلاثين سنة، وشجرة الدباء -القرع- تثمر في أسبوعين؛ تسخر الدباء من الصنوبر، وتقول: إن الطريق التي تقطعينها في ثلاثين سنة أقطعها في أسبوعين، ويقال لك: شجرة، ولي: شجرة، فتقول شجرة الصنوبر: مهلاً إلى أن تهب رياح الخريف، وعندها يعرف المضمار، ويعرف السابق والخوار.

فَتَصَبَّر لتصبر، وتحلَّم لتحلُم، ولا تعجل؛ فقد تُكفى بغيرك، ويُكتب لك بصدق نيتك ما لغيرك.

ورب عجلة أورثت ريثاً:

قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى