أبعد النفوس عن حقيقة الإيمان
هذه النفس هي أبعد النفوس عن حقيقة الإيمان
بيان الإيمان الصادق الذي يملأ نفوسَ أهله ثقة بالله ورغبة إليه، والذي يسير بهم سيرا حثيثا إلى مغفرته ورِضوانه والقربى منه والزّلفى إليه،
والذي يحيا به ذووه حياة طيبة، ويعيشون به عيشة راضية في الدنيا والآخرة.
وإن كان لا بد من بيان حقيقة الإيمان ودرجاته؛ ليتبين جليا ذلك الإيمان الكامل الذي نقصد إليه،
ولنتعرف المؤمنين الكاملين بمزاياهم الخاصة بهم، ولنصل إلى ثمرة هذا الإيمان وغايته، فلنقدم إليكم كلمة في ذلك مجملة.
حقيقة الإيمان ودرجاته:
إذا معنى الإيمان في اللغة: التصديق، ويستعمله الشرع في معنيين، أحدهما:
أيضا تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به تصديقا يقينيا لا تشوبه شائبة شك،
كذلك وهذا هو الشرط الأول في تسمية محصله مؤمنا، والأساس الذي لا بد منه في عدم تخليده في النار أبدا، ويشهد له من الآيات قوله تعالى:
أبعد النفوس عن حقيقة الإيمان
﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ [البقرة: 25]،
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 – 3]؛
أيضا جعل الله – سبحانه وتعالى – العمل الصالح مرتَّبًا على الإيمان شرطًا في البِشارة بالجنة والفوز بالنعيم المقيم،
كذلك ويشهَد من الأحاديث ما أخرجه الشيخان والترمذي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
أيضا وما أخرجه مسلم عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثنتان موجبتان)،
أيضا فقال رجل: يا رسول الله، ما الموجبتان؟
قال: ((من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار، ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة)).
فإذًا لا يستحق هذا الوصف الجميل، والثناءَ الحَسَن، والجزاء الكريم، إلا مَن كمل إيمانه، وتم يقينه،
ويشهد له من الأحاديث ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))،
وما روياه عن أبي هريرة أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
كذلك (الإيمان بضع وستون شعْبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله،
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)