نجاتك في الصحبة الصالحة
إذا الناسُ معادن مختلفة، وأصنافٌ مُتعدِّدة، وطبائِع متفاوتة، وغرائزُ متغايِرة، كلٌّ يميلُ إلى من يوافِقُه، ويصبُو إلى من يشاكِلُه، ويحنُّ إلى من يماثِلُه.
كذلك الأضداد لا تتفق، والأشكال لا تفترق؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “الأرواح جنودٌ مجنَّدة، ما تعارفَ منها ائتلَف، وما تناكَر منها اختلَف“. أخرجه مسلم.
أيضا الأضداد لا تتفق، والأشكال لا تفترق؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
“الأرواح جنودٌ مجنَّدة، ما تعارفَ منها ائتلَف، وما تناكَر منها اختلَف”. أخرجه مسلم.
والجودُ بالمودَّة من كريمِ البذل، والبَوح بالمحبَّة من جميل الفضل، وقصرُها على أهل التقوى دليلُ العقل.
والعاقلُ الحصيفُ من يخالِطُ الأفاضِل، ويعاشِر الأماثِل، لا يصافِي غريبًا حتى يسبر أحوالَه، ولا يؤاخِي مستورًا حتى يكشِف أفعالَه؛ لأن المرء موسومٌ بسِيماءِ من قارَب، موصوفٌ بأفعالِ من صاحَب؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:
“الرجلُ على دين خليلِه، فلينظُر أحدُكم من يخالِل”. أخرجه أبو داود والترمذي.
والمعنى: فليتأمَّل وليتدبَّر أحدُكم من يخالِط؛ فإن رضِيَ دينَه وخلُقَه خالَـلَه، وإلا صارمَه وبايَنَه، فإن الطباعَ تعدِي، وصحبةَ السُّوء تغوِي.
أيضا ومن جميل ما نظِم:
ابلُ الرجالَ إذا أردتَ إخاءَهم *** وتوسَّـمَنْ أمورَهم وتفـقَّدِ
فإذا ظفِرتَ بذِي الأمانة والتُّقَى *** فبِه اليدين قريرَ عينٍ فاشدُدِ
ويقول القرافي: “ما كل أحدٍ يستحق أن يعاشَر ويصاحب ويسارَر”.
عاشِر أخا الدِّين كي تحظَى بصحبَتهِ *** فالطبع مكتسَبٌ من كل مصحوبِ
كـالرِّيـحِ آخِـذةٌ مـا تمـر به *** نتنًى مـن النَّتنِ أو طيبًا من الطِّيبِ
ولا تجـلِس إلى أهـل الـدنايـا *** فـإن خـلائِقَ السُّفـهاء تُعدِي
وصاحِب خيارَ الناس تنجو مسلَّمًا *** وصـاحب شِرارَ الناس يومًا فتندَمَ
نجاتك في الصحبة الصالحة
أيضا قال أبو حاتم: “ومن يصحَب صاحبَ السوء لا يسلَم، كما أن من يدخل مداخِل السوء يُتَّهَم”.
كذلك وقال أعرابيٌّ: “مخالطةُ الأنذال والسفلة تحط الهيبة، وتضع المنزِلة، ونكل اللسان، وتزرِي الإنسان”.
وقال شريكُ بن عبد الله: “كان يقال: لا تسافر مع فاسِقٍ؛ فإنه يبيعك بأكلةٍ وشربةٍ”.
كذلك وعظَ الخطَّابُ بن المعلَّى ابنَه فقال: “إياك وإخوانَ السوء؛ فإنهم يخونون من رافقَهم، ويحزِنون من صادقَهم، وقربهم أعدَى من الجرَب، ورفضُهم من استِكمال الأدب”.
وقيل: “الجليسُ الصالِح كالسِّراج اللائِح، والجليسُ الطالِح كالجرَب الجائِح”.