لنثبت به فؤادك (16)
وقوله: الدين النصيحة لا ينفي اعتبار غيره، بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود وكذا هنا.
كما يساعد على هذا الفهم مجيء كلمة “قوة” هنا نكرة لا معرفة فهي تشمل كل سلاح معروف
أو سيعرف مع الزمن المتجدد فهي تتسع لإعداد الطائرات والصواريخ والدبابات..
وكل الأسلحة التي لها التأثير الحاسم في المعركة، وتدخل القوة الاقتصادية، والسياسية، والأمنية والإعلامية، ..الخ
ومعنى “رِّبَاطِ الْخَيْلِ”: هي اسم للخيل التي ترابط في سبيل الله تعالى. ومعنى “وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ”
قال الطبري: هم كل عدو للمسلمين، وذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة ما لأجله أمر بإعداد هذه الأشياء
فقال جل شأنه “ترْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ”
ذلك أن الكفار إذا علموا كون المسلمين متأهبين للجهاد ومستعدين له ومستكملون لجميع الأسلحة والآلات خافوهم وذلك يفيد أمور كثيرة:
وأنهم لا يتجرأون على دخول دار الإسلام. وأنهم إذا اشتد خوفهم فربما التزموا من عند أنفسهم بإحترام المسلمين والاستجابة لطلباتهم.
وأنه ربما صار ذلك داعياً إلى الإيمان لما يرون من قوة أهله وعزتهم. وأنهم لا يعينون سائر الكفار.
لنثبت به فؤادك (16)
وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يحصّلوا كل أسباب القوة، فهم يواجهون نظاماً عالمياً
وقوى دولية لا تعرف إلا لغة القوة فعليهم أن يقرعوا الحديد بالحديد،
ويقابلوا الريح بالإعصار ويقابلوا الكفر وأهله بكل ما يقدرون عليه وبكل ما امتدت إليه يدهم،
وبكل ما اكتشف الإنسان ووصل إليه العلم في هذا العصر من سلاح وعتاد واستعداد حربي، لا يقصرون في ذلك ولا يعجزون.
إن الواجب على الأمة الإسلامية اليوم لتنهض وتتقدم وتترقى في مصاعد المجد،
أن تجاهد بمالها ونفسها الجهاد الذي أمرها الله به في القرآن الكريم مراراً عديدة،
فالجهاد بالمال والنفس هو العلم الأعلى الذي يهتف بالعلوم كلها، فإذا تعلمت هذا العلم وعملت به دانت لها سائر العلوم والمعارف