لنثبت به فؤادك (10)
قد يظلم هذه القوة ويغطيها ويضعفها فيخيب، قال تعالى:
“قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا” (الشمس : 9 ـ 10) .
وقد نطق القرآن الكريم، بإسناد الفعل إلى العبد في الكثير من آياته،
مثل قوله تعالى: “جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (الأحقاف : 14) .
كما قال تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ” (فصلت : 46) .
أيضا وقال تعالى: ” كلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” (المدثر : 38) .
وأثبت القرآن للعبد في غير ما آية منه في المشيئة الاختيار،
فقال تعالى: “إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا” (الإنسان : 3) .
إن الإنسان حر، لقد زوده الله بالعقل والإرادة، يختار ما يراه من حق أو باطل، ويفعل ما يروق له من خير أو شر،
فهو مزود بوسائل الإدراك، يدرك ما في الأشياء من قيم ويحكم عليها ويختار،
وهو بالخيار أن يسلك طريق الحق والخير فيكون شاكراً، أو يعوج في طريقه فيجنح نحو الشر والباطل، فيكون كفوراً.
لنثبت به فؤادك (10)
فالإنسان حر في دائرة أعماله الاختيارية والمرتبطة بالتكليف والمسئولية، وهذه الحرية يؤكدها ما يلي:
أ ـ واقع حياة الإنسان، الذي يشعر بالفرق الواضح بين الأعمال الاختيارية وبين الأعمال التي تقع عليه اضطراراً.
ب ـ كما يؤكدها العقل الذي يقضي بأن المسئولية والتكليف، لا بد أن تكون منوطة باستطاعة الإنسان على الفعل أو الترك
لأن من لا يملك هذه الاستطاعة فلا يصح عقلاً أن تتوجه إليه المسئولية أصلاً.
ج ـ وإضافة إلى ذلك لو لم يكن الإنسان مختاراً، لما كان ثمة فرق بين المحسن والمسيء،
إذ أن كلاً منهما مجبر على ما قاله، ولبطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا فائدة لهما،
حيث أن الإنسان مسلوب الإرادة، ولما كان ثمة معنى لتكليف الله للعباد،
لأن تكليفه إياهم مع سلب اختيارهم يتنافى مع العدل الإلهي الذي أثبته لنفسه،
بل لو كان الإنسان مجبراً على أفعاله، لضاعت فائدة القوانين، ولبطل معنى الجزاء من الثواب والعقاب
د ـ وقبل هذا كله، جاءت النصوص الشرعية تنسب العمل والإختيار إلى الإنسان،
وما يكتسبه نتيجة لجهده، وثبت الجزاء بالجنة لمن أطاع، والنار لمن عصى.
قال تعالى:
” وَمَا أَصَابَكُم مِّن مّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوعَن كَثِيرٍ” (الشورى : 30)