لا يمتلك شيئا وصنع معجزة2
فيجدر بنا أن نستقصي الحكمة أينما وجدت ، كما قال عليه السلام ، الحكمة ضالة المؤمن ،
وعملاً بهذا الحديث كان الرأي أن أجمع ما وقعت عليه عيني وما قرت به أذني من حكم وأمثال
أيضا وكلمات مأثورة ، عربيةً وغير عربية ، وصولاً إلى ما نصبو إليه ،
أيضا لم أزد عن الكتب المعدة في هذا الشأن شيئاً إلا أنني نظرت في طائفة منها فكانت تتناول جميع الحكم في المجالات كافة ،
وربما كان في بعضها ما إن نظرنا إليه بعين الناقد لوجدنا أنه ربما يتعارض من القيم الرفيعة ،
فلا شك أن الحكم والأمثال دس فيها كما يدس السم في الدسم ؛
فرأيت أن أجعل هذا الكتاب في الأقوال التي من شأنها أن ترفع الهمم وتعلي النفوس ،
أيضا والتي تغير بالانسان إذا ما سعى لتغيير نفسه ، قال تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ،
كذلك وترتقي بالمجتمع إذا ما كان الهدف هو الرقي بالمجتمع ؛ إذ إنها نتاج خبرات الشعوب وتجارب عظماء التاريخ ، ورواد الحضارات ،
إذا لو نظرنا إلى ما بين دفتي هذا الكتاب من أقوال لوجدنا أن بعضها كانت الشرارة لتغير حياة بعض العلماء ،
أو كانت البذرة لإبداعٍ نما يوماً بيومٍ حتى صارإنجازاً أو اختراعاً أو منهجاً أو نظرية ،
كما كانت تفوقاً ونبوغاً ، أو صلاحاً ورشاداً ، فكم من العباقرة أو العلماء كان السبب في تغييرهم حكمة أو قول مأثور ،
أيضا أو بيت شعر يحمل معناً ذا بعد وأفق . وكم من مخترعٍ حمله على التجريب والاختراع كلمة ، أو حكمة .
كذلك وليس المعنى أن هذا الكلمة أو تلك أو هذا القول والمثل أو ذاك إنما يحدث التغيير للوهلة الأولى ،
فلربما يجني المرء ثمار هذه الكلمات بعد أعوام ، غير أن المنطلق من تلك الحكمة أو هذا القول أو المثل .
قسم هذا الكتاب إلى مساحات ، فبعد تجميع الحكم والأقوال رأيت أن أبسط لها بتقديم ، أو توجيه ” إن صح التعبير ” ،
لا يمتلك شيئا وصنع معجزة2
وما هذا ببعيد عما قدمه شهاب الدين الأبشيهي في المستطرف ، وأوردت بعد ذلك الأقوال دون توجيه ، ليطلق معها القارئ قلبه وعقله
بالبسمة تستطيع أن تتعدى حدود القلب ، إلى أيِّ قلب ،
ولربما حققت بالبسمة ما عجزتَ عن تحقيقه بغيرها ابتسم فإن اليوم خير من الأمس والغد خير من اليوم ، والله جميل يحب الجمال ،
ولا يعني هذا أن لا نفي من لم يحظ من الجمال بقدرٍ يؤهله لأن يكون جميلا، فما عليك إلا أن تقدم البسمة ؛
أيضا ابتسامك لقبيح أدل لمروءتك من إعجابك بجميل ، وليكن إعجابك بعام الأمور بين بين ، وليدم قلبكَ ملازماً للصواب ،
كذلك وإن جانبه قليلاً فلا يكن منه على بعدٍ وتجانبٍ بيِّنينِ ؛ فأجهل الناس من قل صوابه وكثر إعجابه ،
وإياك أن تثنيك الشدائد أو أن يوهنك الإخفاق ، وليكن إخفاقك الخطوة الأولى لنجاحك ، فلا خجل من أن تخفق في شيء ؛
ذلك أن الإخفاق أساس النجاح والشدائد تخلق الرجال ، وليكن اعتيادك الشدائد ديدنك ، فقد قيل :
إذا اِعتاد الفتى خوض المنايا
فأهون ما يمر به الوحول