الزواج في بلاد الغرب
الزواج أحد النعم التي امتنّ الله تعالى بها على عباده، وجعلها أمراً محبّباً ومرغوباً لتكون وسيلةً لاستمرار النسل البشريّ.
وقد حثّ الإسلام على الزواج، وجعله واجباً في حقّ مَن يقدرُ عليه، وخاف على نفسِه الوقوع في الحرام.
كما جعلَه سنّة في حقّ من قدر عليه، حتى لو لم يخشَ على نفسِه. البعض يفكّر في العزوف عن الزواج هرباً من مسؤوليّاته. ومتاعبه،
لكن لو علم ما فيهِ من فوائدَ دينيّة ودنيوية لأقبل عليه بلا تردّد. في هذا المقال سنتحدّثُ عن فوائد الزواج.
الزواج في بلاد الغرب
في أحيان كثيرة تدفع قسوة الوحدة إلى الزواج في بلاد الغرب، يساعده على التغلب على حنينه لأهله وبلده.
لكن نجاح هذه العلاقات واستمرارها يعتمد علي الحب والتفاهم نظرا للتباين في الخلفية الثقافية والنظرة إلى الأمور.
فإذا كان الحل المطلوب هو أن يسمح للمسلم أن يعيش في البلاد الأجنبية كما يعيش أهلُها الكفرة؛
ذلك لأن في الالتزام بالسلوك الإسلامي تلك المشقَّات المادية والمعنوية التي شرحتها شرحًا وافيًا في رسالتك،
لا يبقى عندئذ فرْق بين الإسلام وغيره إلا في مجرد اسم المسلم الذي لا يَبقى له مدلول عملي،
مع أن الفارق الأساسي بين المسلم والكافر إنما هو في السلوك النظيف الطاهر الإسلامي. أما المشقَّة التي يواجهها المسلم؛
فإنها المشقة التي لا يخلو عنها التكليف، فأي معنى يبقى للمسلم إذا كان يعيش في البلاد الأجنبية مثل أهلها ؟!
أما عن زواج المسلمة بغير مسلم فهذا لا مجال لتسْويغه بحال أصلاً لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمشْرِكِينَ حَتَّى يؤْمِنُوا) البقرة 221 .
وقوله ـ عز وجل ـ: (فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا همْ يَحِلُّونَ لَهَنَّ) الممتحنة آية 10
وعلى ذلك أجمع فقهاء الإسلام. ولكني أرى من الممكن ـ بالنظر الاستصلاحي ـ
أن نميِّز بين امرأة مسلمة تتزوج بغير مسلم من أهل الكتاب (نصراني أو يهودي) غير آبِهَةٍ ولا مُكْتَرِثَة باختلاف الدين،
أيضا وبين امرأة كتابية متزوجة أسلمت ولها أولاد، ولم يتبعها زوجها بالإسلام.
فهذه الثانية لا يحل لها البقاء مع زوجها دون أن يسلم، ولكن من الممكن أن لا يحكم شرعًا ببَيْنُونَتِها فوْرًا إذا أبى زوجها الإسلام،
فقد حصل في عهد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن ابنته زينب كانت متزوِّجة قبْل البَعثة برجل من وجوه قريش اسمه أبو العاص ابن الربيع وهو مشرك،
واشترك مع المشركين في غزوة بدر فأسره المسلمون،
وأطلق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سراحه من الأسْر وأخذ عليه العهد أن يخلِّي سبيل زينب، ففعل ووفَّى بما وعد.